Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار
المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار
المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار
Ebook737 pages5 hours

المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يعد هذا الكتاب بإجماع آراء الباحثين أهم كتاب في تاريخ مصر وجغرافيتها وطبوغرافية عاصمتها في العصر الإسلامي، فهو الكتاب الوحيد الذي وصل الينا ويقدم لنا - اعتمادا على المصادر الأصلية- عرضا شاملا لتاريخ مصر الإسلامية ولتأسيس ونمو عواصم مصر منذ الفتح الإسلامي حتى القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي، ويعد اليوم مصدرا لا غنى عنه للمشتغلين بدراسة آثار مصر الإسلامية. فيوفر لنا الكتاب قائمة تفصيلية وأوصافا دقيقة بالقصور والجوامع والمدارس والخوانق والحارات والأخطاط والدور والحمامات والقياسر والخانات والأسواق والوكالات التي وجدت في عاصمة مصر خلال تسعة قرون. وترتكز هذه القائمة في الأساس على الملاحظات الشخصية للمقريزي وعلى مصادر لم تصل إلينا، فحفظ لنا المقريزي بذلك نقولا ذات شأن للمؤلفين القدماء الذين فقدت مؤلفاتهم اليوم.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateApr 24, 1902
ISBN9786337393817
المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار

Read more from المقريزي

Related to المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار

Related ebooks

Reviews for المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار - المقريزي

    الغلاف

    المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار

    الجزء 4

    المقريزي

    845

    يعد هذا الكتاب بإجماع آراء الباحثين أهم كتاب في تاريخ مصر وجغرافيتها وطبوغرافية عاصمتها في العصر الإسلامي، فهو الكتاب الوحيد الذي وصل الينا ويقدم لنا - اعتمادا على المصادر الأصلية- عرضا شاملا لتاريخ مصر الإسلامية ولتأسيس ونمو عواصم مصر منذ الفتح الإسلامي حتى القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي، ويعد اليوم مصدرا لا غنى عنه للمشتغلين بدراسة آثار مصر الإسلامية. فيوفر لنا الكتاب قائمة تفصيلية وأوصافا دقيقة بالقصور والجوامع والمدارس والخوانق والحارات والأخطاط والدور والحمامات والقياسر والخانات والأسواق والوكالات التي وجدت في عاصمة مصر خلال تسعة قرون. وترتكز هذه القائمة في الأساس على الملاحظات الشخصية للمقريزي وعلى مصادر لم تصل إلينا، فحفظ لنا المقريزي بذلك نقولا ذات شأن للمؤلفين القدماء الذين فقدت مؤلفاتهم اليوم.

    دار الضرب وما يتعلق بها

    وكان بجوار خزانة الدرق التي هي اليوم: خان مسرور الكبير، دار الضرب، وموضعها حينئذ كان بالقشاشين التي تعرف اليوم: بالخراطين، وصار مكان دار الضرب اليوم: درب يعرف بدرب: الشمسي في وسط سوق السقطيين المهامزيين، وباب هذا الدرب: تجاه قيسارية العصفر، فإذا دخلت هذا الدرب، فما كان على يسارك من الدور فهو موضع دار الضرب، وبجوارها دار الوكالة الحافظية، فجعلت الحوانيت التي على ينمة من سلك من رأس الخراطين تجاه سوق العنبر طالباً الجامع الأزهر في ظهر دار الضرب، وأنشأ هذه الحوانيت، وما كان يعلوها من البيوت الأمير المعظم: خمرتاش الحافظي، وجعلها وقفاً، وقال في كتاب وقفها: وحد هذه الحوانيت الغربي ينتهي إلى دار الضرب، وإلى دار الوكالة، وقد صارت هذه الحوانيت الآن من جملة أوقاف المدرسة الجمالية مما اغتصب من الأوقاف، وما زالت دار الضرب هذه في الدولة الفاطمية باقية إلى أن استبد السلطان صلاح الدين، فصارت دار الضرب حيث هي اليوم، كما تقدم ذكره، وكان لدار الضرب المذكورة في أيام أعمال ويعمل بها دنانير الغرة، ودنانير خميس العدس، ويتولاها قاضي القضاة لجلالة قدرها عندهم .قال ابن المأمون: وفي شوال منها، وهي سنة ست عشرة وخمسمائة أمر الأجل ببناء دار الضرب بالقاهرة المحروسة لكونها مقر الخلافة وموطن الإمامة، فبنيت بالقشاقشين: قبالة المارستان، وسميت بالدار الآمرين، واستخدم لها العدول، وصار دينارها أعلى عياراً من جميع ما يضرب بجميع الأمصار، انتهى .وكانت دار الضرب المذكورة تجاه المارستان، فكان المارستان، بجوار خزانة الدرق، فما عن يمينك الآن إذا سلكت من رأس الخراطين، فهو موضع دار الضرب، ودار الوكالة هكذا إلى الحمام التي بالخراطين، وما وراءها، وما عن يسارك، فهو موضع المارستان. قال ابن الظاهر: في أيام المأمون بن البطائحي وزير الآمر بأحكام الله بنيت دار الضرب في القشاشين قبالة المارستان الذي هناك وسميت بالدار الآمرية .دار العلم الجديدة: وكان بجوار القصر الكبير الشرقي: دار في ظهر خزانة الدرق من باب تربة الزعفران لما أغلق الأفضل بن أمير الجيوش دار العلم التي كان الحاكم بأمر الله فتحها في باب التبانين اقتضى الحال بعد قتله إعادة دار العلم، فامتنع الوزير المأمون من إعادتها في موضعها، فأشار الثقة زمام القصور بهذا الموضع، فعمل دار العلم في شهر ربيع الأول سنة سبع عشرة وخمسمائة، وولاها لأبي محمد حسن بن أدم، واستخدم فياه مقرئين ولم تزل دار لعلم عامر حتى زالت الدولة الفاطمية .قال ابن عبد الظاهر: رأيت في بعض كتب الأملاك القديمة ما يدل على أنها قريبة من القصر النافعي، وكذا ذكر لي السيد الشريف الحلبي، أنها دار ابن أزدمر المجاورة لدار سكنى الآن، خلف فندق مسرور الكبير، وكذلك قال لي والدي رحمه الله، وقد بناها جمال الدين الإستادار الحلبي: داراً عظيمة غرم عليها مائة ألف، وأكثر من ذلك على ما ذكره، انتهى. وموضع دار العلم هذه دار كبيرة ذات زلاقة بجوار درب ابن عبد الظاهر قريباً من خان الخليلي، بخط الزراكشة العتيق .موسم أول العام: قال ابن المأمون، وأسفرت غرة سنة سبع عشرة، وخمسمائة، وبادر امستخدمون في الخزائن، وصناديق الإنفاق بحمل ما يحضر بين يدي الخليفة من عين، وورق من ضرب السنة المستجدة، ورسم جميع من يختص به من إخوته، وجهاته، وقرابته، وأرباب الصنائع، والمستخدمات، وجميع الأستاذين العوالي والأدوان، وثنوا بحمل ما يختص بالأجل المأمون، وأولاده، وإخوته، واستأذنوا علىتفرقة ما يختص بالأجل المأمون: وأولاده، والأصحاب والحواشي والأمراء، والضيوف، والأجناد، فأمروا بتفرقته، والذي اشتمل عليه المبلغ في هذه السنة نظير ما كان قبلها، وجلس المأمون باكراً على السماط بداره، وفرقت الرسوم على أرباب الخدم والمميزين من يجمع أصنافه على ما تضمنته الأوراق، وحضرت التعاشير، والتشريفات، وزي الموكب إلى الدار المأمونية، وتسلم كل من المستخدمين المدارج بأسماء من شرف بالحجبة، ومصفات العساكر، وترتيب الأسمطة، وأصمد كل منهم إلى شغله، وتوجه لخدمته، ثم ركب الخليفة، واستدعى الوزير المأمون، ثم خرج من باب الذهب، وقد نشرت مظلته، وخدمت الرهجية، ورتب الموكب والجنائب، ومصفات العساكر عن يمينه وشماله، وجميع تجار البلدين من الجوهريين والصيارف، والصاغة، والبزازين، وغيرهم قد زينوا الطريق بما تقتضيه تجارة كل منهم، ومعاشه لطلب البركة بنظر الخليفة .وخرج من باب الفتوح، والعساكر فارسها وراجلها بتجملها وزيها، وأبواب حارات العبيد معلقة بالستور، ودخل من باب النصر والصدقات تعم المساكين، والرسوم تفرق على المستقرين إلى أن دخل من باب الذهب، فلقيه المقرئون بالقرآن الكريم في طول الدهاليز إى أن دخل خزانة الكسوة الخاص، وغير ثياب الموكب غيرها، وتوجه إلى تربة آبائه للترحيم على عادته، وبعد ذلك إلى ما رآه من قصوره على سبيل الراحة، وعبيت الأسمطة، وجرى الحال فيها، وفي جلوس الخليفة، ومن جرت عادته، وتهيئة قصور الخلافة، وتفرقة الرسوم على ما هو مستقر .وتوجه الأجل المأمون إلى داره، فوجد الحال في الأسمطة على ما جرت به العادة والتوسعة فيها أكثر مما تقدمها، وكذلك الهناء في صبيحة الموسم بالدار المأمونية والقصور، وحضر من جرت العادة بحضوره للهناء وبعدهم الشعراء على طبقاتهم، وعادت الأمور في أيام السلام، والركوبات، وترتيبها على المعهود، وأحضر كل من المستخدمين في الدواوين ما يتعلق بديوانه من التذاكر، والمطالعات مما تحتاج إليه الدولة في طول السنة، وينعم به ويتصدق ويحمل إلى الحرمين الشريفين من كل صنف على ما فصل في التذاكر على يد المندوبين، ويحمل إلى الثغور ويخزن من سائر الأصناف ما يستعمل، ويباع في الثغور والبلاد والاستيمار وجريدة الأبواب، وتذكرة الطراز والتوقيع عليها .وقال ابن الطوير: فإذا كان العشر الأخير من ذي الحجة في كل سنة انتصب كل منن المستخدمين بالأماكن لإخراج آلات الموكب من الأسلحة وغيرها، فيخرج من خزائن الأسلحة ما يحمله صبيان الركاب حول الخليفة من الأسلحة، وهو الصماصم المصقولة المذهبة، مكان السيوف المحدبة، والدبابيس الكيمخت الأحمر والأسود، ورؤوسها مدورة مضرسة، واللتوت كذلك ورؤوساه مستطيلة مضرسة أيضاً، وآلات يقال لها: المستوفيات، وهي عمد حديد من طول ذراعين مربعة الأشكال بمقابض مدورة في أيديهم بعدة معلومة من كل صنف، فيتسلمها نقباؤهم، وهي في ضمانهم، وعليهم إعادتها إلى الخزائن بعد تقضي الخدمة بها، ويخرج للطائفة من العبيد الأقوياء السودان الشباب، ويقال لهم: أرباب السلاح الصفر، وهم ثلثمائة عبد لكل واحد حربتان بأسنة مصقولة تحتها جلب فضة كل اثنتين في شرابة وثلثمائة درقة بكوامخ فضة، يتسلم ذلك عرفاؤهم على ما تقدم، فيسلمونه للعبيد لكل واحد حربتان ودرقة .ثم يخرج من خزانة التجمل، وهي من حقوق خزائن السلاح القصب الفضة برسم تشريف الوزير، والأمراء أرباب الرتب، وأزمة العساكر، والطوائف من الفارس، والراجل وهي رماح ملبسة بأنابي الفضة المنقوشة بالذهب إلا ذراعين منها، فيشد في ذلك الخالي من الأنابيب عدة من المعاجر الشرب الملونة، ويترك أطرافها المرقومة مسبلة كالصناجق، وبرؤوسها رمامين منفوخة فضة مذهبة وأهلة مجوفة كذلك، وفيها جلاجل لها حس إذا تحركت، وتكون عدتها ما يقرب من مائة، ومن العماريات، وهي شبه الكخاوات من الديباح الأحمر، وهو أجلها والأصفر والقرقوبي، والسقلاطون مبطنة مضبوطة بزنانير حرير، وعلى دائر التربيع منها: مناطق بكوامخ فضة مسمورة في جلد نظير عدد القصب، فيسير من القصب عشرة، ومن العماريات مثلها من الحمر خاصة، ويخرج للوزير خاصة لواءان على رمحين طويلين ملبسين، بمثل تلك الأنابيب ونفس اللواء ملفوف غير منشور، وهذا التشريف يسير أمام الوزير، وهو للأمراء من ورائهم، ثم يسير للأمراء أرباب الرتب في الخدم، وأولهم صاحب الباب، وهو أجلهم خمس قصبات، وخمس عماريات، ويرسل لأسفهسلار العساكر أربع قصبات، وأربع عماريات من عدة ألوان، ومن سواهما من الأمراء على قدر طبقاتهم: ثلاث ثلاث واثنتان اثنتان، وواحد واحدة، ثم يخرج من البنود الخاص الديبقي المرقوم الملون برماح ملبسة بالأنابيب، وعلى رؤوسها ورمامينها من نحاس مجوف مطلي بالذهب، فتكون هذه أمام الأمراء المذكورين من تسعة إلى سبعة أذرع برأسها طلعة مصقولة، وهي من خشب القنطاريات داخلة في الطلعة، وعقبها حديد مدور أسفل، فهي في كف حاملها الأيمن، وهو يفتلها فيه فتلاً متدارك الدوران، وفي يده اليسرى تشابه كبير يخطر بها، وعدتها ستون مع ستين رجلاً يسيرون رجالة في الموكب يسيرون يمنة ويسرة .ثم يخرج من النقارات حمل عشرين بغلاً على كل بغل ثلاث مثل نقارات الكوسات بغير كوسات يقال لها طبول، فيتسلمها صناعها، ويسيرون في الموكب اثنين اثنين ولها حس مستحسن، وكان لها ميزة عندهم في التشريف، ثم يخرج لقوم متطوعين بغير جار، ولا جراية تقرب عدتهم من مائة رجل لكل واحد درقة من درق اللمط، وهي واسعة وسيف، ويسيرون أيضاً رجالة في الموكب هذا وظيفة خزائن السلاح .ثم يحضر حامي خزائن السروج وهو من الأستاذين المحنكين إليها مع مشارفها، وهو من الشهود المعدلين، فيخرج منها برسم خاص الخليفة من المركبات الحلي ما هو برسم ركوبه، وما يجنب في موكبه مائة سرج، منها سبعون على سبعين حصاناً، ومنها ثلاثون على ثلاثين بغلة كل مركب مصوغ من ذهب أو من ذهب وفضة، أو من ذهب منزل فيه المينا، أو من فضة منزلة بالمينا، وروادفها وقرابيسها من نسبتها، ومنها ما هو مرصع بالجواهر الفائقة، وفي أعناقها الأطواق الذهب، وقلائد العنبر، وربما يكون في أيدي وأرجل أكثرها خلاخل مسطوحة دائرة عليها، ومكان الجلد من السروج الديباج الأحمر والأصفر، وغيرهما من الألوان والسقلاطون المنقوش بألوان الحرير، قيمة كل دابة، وما عليها من العدة ألف دينار، فيشرف الوزير من هذه بعشرة حصن لركوبه وأولاده وإخوته، ومن يعز عليه من أقاربه، ويسلم ذلك لعرفاء الاصطبلات بالعرض عليهم من الجرائد التي هي ثابتة فيها بعلاماتها في أماكنها، وأعدادها، وعدد كل مركب منقوش عليه مثل: أول وثان وثالث إلى آخرها كما هو مسطور في الجرائد، فيعرف بذلك قطعة قطعة، ويسلمها العرفاء للشدادين بضمان عرفائهم إلى أن تعود، وعليهم غرامة ما نقص منها، وإعادتها برمتها .يم يخرج من الخزائن المذكورة لأرباب الدواوين المرتبين في الخدم على مقاديرهم مركبات أيضاً من الحلي دون ما تقدم ذكره، وما تقرب عدته من ثلثمائة مركب على خيل وبغلات، وبغال يتسلمها العرفاء المتقدم ذكرهم على الوجه المذكور، فيعرف كل شداد صاحبه، فيحضر إليه بالقاهرة ومصر سحر يوم الركوب، ولهم منالركاب رسوم من دينار إلى نصف دينار إلى ثلث دينار، فإذا تكمل هذا الأمر، وسلم أيضاً الجمالون بالمناخات أغشية العماريات، ويكون إراحة في ذلك كله إلى آخر الثامن والعشرين من ذي الحجة، وأصبح اليوم التاسع والعشرون من سلخه على رأي القوم، عزم الخليفة على الجلوس في الشباك لعرض دوابه الخاص المقدم ذكرها، ويقال له: يوم عرض الخيل، فيتسدعي الوزير بصاحب الرسالة، وهو من كبار الأستاذين المحنكين، وفصائحهم وعقلائهم ومحصليهم، فيمضي إلى استدعائه في هيئة المسرعين على حصان دهراج امتثالاً لأمر الخليفة بالإسراع على خلاف حركته المعتادة، فإذا عاد مثل بين يدي الخليفة، وأعلمه باستدعائه الوزير، فيخرج راكباً من مكانه في القصر ولا يركب أحد في القصر إلا الخليفة، وينزل في السدلا بدهليز باب الملك الذي فيه الشباك، وعليه من ظاهره للناس ستر، فيقف من جانبه الأيمن زمام القصر، ومن جانبه الأيسر صاحب بيت المال، وهما من الأستاذين المحنكين فيركب الوزير من داره، وبين يديه الأمراء، فإذا وصل إلى باب القصر ترجل الأمراء، وهو راكب، ويكون دخوله في هذا اليوم من باب العيد، ولا يزال راكباً إلى أول باب من الدهاليز الطوال، فينزل هناك، ويمشي فيها، وحواليه حاشيته، وغلمانه وأصحابه، ومن يراه من أولاده، وأقاربه ويصل إلى الشباك فيجد تحته كرسياً كبيراً من كراسي البلق الجيد، فيجلس عليه، ورجلاه تطأ الأرض، فإذا استوى جالساً رفع كل أستاذ الستر من جانبه، فيرى الخليفة جالساً في المرتبة الهائلة، فيقف ويسلم ويخدم بيده إلى الأرض ثلاث مرات، ثم يؤمر بالجلوس على كرسيه، فيجلس ويستفتح القراء بالقراءة قبل كل شيء بآيات لائقة بذلك الحال، مقدار نصف ساعة، ثم يسمر الأمراء، ويسرع في عرض الخيل، والبغال الخاص المقدم ذكرها دابة دابة، وهي هادئة كالعرائس بأيدي شداديها إلى أن يكمل عرضها، فيقرأ القراء لختم ذلك الجلوس، ويرخي الأستاذان الستر، فيقدم الوزير ويدخل إليه، ويقبل يديه ورجليه وينصرف عنه إلى داره، فيركب من مكان نزوله، والأمراء بين يديه لوداعه إلى داره ركباناً ومشاة، إلى قريب المكان فإذا صلى الخليفة الظهر بعد انفضاض ما تقدم، جلس لعرض ما يلبسه في عيد تلك الليلة، وهو يوم افتتاح العام بخزائن الكسوات الخاص، ويكون لباسه فيه البياض غير الموشح فيعين على منديل خاص وبدلة، فأما المنديل: فيسلم الشاد التاج الشريف، ويقال له شدة الوقار، وهو من الأستاذين المحنكين، وله ميزة لممارسة ما يعلو تاج الخليفة فيشدها شدة غريبة لا يعرفها سواه، شكل الإهليلجة، ثم يحضر إليه اليتيمة، وهي جوهرة عظيمة لا يعرف لها قيمة فتنظم هي وحواليها ما دونها من الجواهر، وهي موضوعة في الحافر، وهو شكل الهلال من ياقوت أحمر ليس له مثال في الدنيا، فتنظم على خرقة حرير أحسن وضع، ويخيطها شاد التاج بخياطة خفيفة ممكنة، فتكون بأعلى جبه ة الخليفة .ويقال: إن زنة الجوهرة سبعة دراهم، وزنة الحافر: أحد عشر مثقالاً، وبدائرها قصبة زمرذ ذبابي له قدر عظيم ثم يؤمر بشد المظلمة التي تشابهها تلك البدلة المحضرة بين يديه، وهي مناسبة للثياب، ولها عندهم جلالة لكونها تعلو رأس الخليفة، وهي اثنا عشر شوزكاً عرض سفل كل شوزك شبر، وطوله ثلاثة أذرع وثلث، وآخر الشورك من فوق دقيق جداً، فيجتمع ما بين الشوازك في رأس عودها بدائره، وهو قنطارية من الزان ملبسة بأنابيب الذهب، وفي آخر أنبوبة تلي الرأس من جسمه، فلكة بارزة مقدار عرض إبهام فيشد آخر الشوارك في حلقة من ذهب، ويترك متسعاً في رأس الرمح، وهو مفروض فتلقى تلك الفلكة، فتمنع المظلة من الحدور في العمود المذكور ولها أضلاع من خشب الخلنج مربعات مكسوة بوزن الذهب على عدد الشوارك خفاف في الوزن طولها طول الشوارك، وفيها خطاطيف لطاف، وحلق يمسك بعضهاً بعضاً، وهي تنضم وتنفتح على طريقة شوكات الكيزان، ولها رأس شبه الرمانة، ويعلوه رمانة صغيرة، كلها ذهب مرصع بجوهر يظهر للعيان، ولها رفرف دائر يفتحها من نسبتها عرضه أكثر من شبر ونصف، وسفل الرمانة فاصل يكون مقداره ثلاث أصابع، فإذا أدخلت الحلقة الذهب الجامعة لآخر شوارك المظلة في رأس العمود ركبت الرمانة عليها، ولفت في عرض ديبقي مذهب، فلا يكشفها منه إلا حاملها عند تسليمها إليه أول وقت الركوبة .ثم يؤمر بشد لواءي الحمد المختصين بالخليفة، وهما رمحان طويلان ملبسان بمثل أنابيب عمود المظلة إلى حد نصفهما، وهما من الحرير الأبيض المقروم بالذهب، وغير منشورين بل ملفوفين على جسم الرمحين، فيشدان ليخرجا بخروج المظلة إلى أميرين من حاشية الخليفة، برسم حملهما ويخرج إحدى وعشرون راية لطاف من الحرير المرقوم ملونة بكتابة تخالف ألوانها من غيره .ونص كتابتها: نصر من الله وفتح قريب، على رماح مقومة من القنا المنتقى، طول كل راية ذراعان في عرض ذراع ونصف في كل واحدة ثلاث طرازات، فتسلم لأحد وعشرين رجلاً من فرسان صبيان الخاص، ولهم بشارة عود الخليفة سالماً عشرون ديناراً، ثم يخرج رمحان رؤوسهما أهلة من ذهب صامتة في كل واحد سبع من ديباج أحمر وأصفر وفي فمه طارة مستديرة يدخل فيها الريح، فينفتحان فيظهر شكلهما، ويتسلمهما فارسان من صبيان الخاص، فيكونان أمام الرايات، ثم يخرج السيف الخاص، وهو من صاعقة وقعت على ما يقال، وجلبته ذهب مرصعة بالجوهر في خريطة مرقومة بالذهب لا يظهر إلى رأسه، ليسلم إلى حامله، وهو أمير عظيم القدر، وهذه عندهم رتبة جليلة المقدار، وهو أكبر حامل، ثم يخرج الرمح وهو رمح لطيف في غلاف منظوم من اللؤلؤ، وله سنان مختصر بحلية ذهب، ودرقة بكوامخ ذهب فيها سعة منسوبة إلى حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ي غشاء من حرير لتخرج إلى حاملها، وهو أمير مميز، ولهذه الخدمة وصاحبها عندهم جلالة .ثم تشعر الناس بطريق الموكب، وسلوكه لا يتعدى دورتين إحداهما كبرى، والأخرى صغرى، أما الكبرى: فمن باب القصر إلى باب النصر ماراً إلى حوض عز الملك نبا، ومسجده هناك، وهو أقصاها ثم ينعطف على يساره طالباً باب الفتوح إلى القصر، والأخرى إذا خرج من باب النصر سار حافاً بالسور، ودخل من باب الفتوح، فيعلم الناس بسلوك إحداهما، فيشيرون إذا ركب الخليفة فيها من غير تبديل للموكب ولا تشويش، ولا اختلال، فلا يصبح الصبح من يوم الركوب إلا وقد اجتمع من بالقاهرة ومصر من أرباب الرتب وأرباب التميزات من أرباب السيوف، والأقلام قياماً بين القصرين، وكان براحاً واسعاً خالياً من البناء الذي فيه اليوم، فيسع القوم لانتظار الخليفة، ويبكر الأمراء إلى الوزير إلى داره، فيركب إلى القصر من غير استدعاء لأنها خدمة لازمة للخليفة، فيسير أمامه تشريفه المقدم ذكره، والأمراء بين يديه ركباناً ومشاة، وأمامه أولاده وإخوته وكل منهم مرخي الذؤابة بلا حنك، وهو في أبهة عظيمة من الثياب الفاخرة، والمنديل، وهو بالحنك، ويتقلد بالسيف المذهب، فإذا وصل القصر ترجل قبله أهله في أخض مكان لا يصل الأمراء إليه، ودخل من باب القصر، وهو راكب دون الحاضرين إلى دهليز يقال له دهليز العمود، فيترجل على مصطبة هناك، ويمشي بقية الدهليز إلى القاعة فيدخل مقطع الوزارة هو وأولاده وإخوته، وخواص حاشيته، ويجلس الأمراء بالقاعة على دكك معدة لذلك مكسوة في الصيف بالحصر السامان، وفي الشتاء بالبسط الجهرمية المحفورة، فإذا أدخلت الدابة لركوب الخليفة وأسندت إلى الكرسي الذي يركب عليه من باب المجلس، أخرجت المظلة إلى حاملها، فيكشفها مما هي ملفوفة فيه غير مطوية، فيتسلمها بإعانة أربعة نم الصقالبة برسم خدمتها، فيركزها في آلة حديد متخذة شكل القرن وهو مشدود في ركاب حاملها الأيمن بقوة وتأكيد، فيمسك العمود بحاجز فوق يده، فيبقى وهو منتصف واقف ولم يذكر قط أنها اضطربت في ريح عاصف، ثم يخرج بالسيف، فيتسلمه حامله فإذا تسلمه أرخيت ذؤابته ما دام حاملاً له، ثم تخرج الدواة، فتسلم لحاملها، وهو من الأستاذين المحنكين .وكان الوزراء حملوها لقوم من الشهود المعدلين، وهي الدواة التي كانت من أعاجيب الزمان، وهي في نفسها من الذهب، وحليتها مرجان، وهي ملفوفة في منديل شرب بياض مذهب، وقد قال فيها بعض الشعر: يخاطب الخليفة التي صنعت حلية المرجان في وقته وهذا من أغرب ما يكون ذكر ذلك في بيتين وهما :

    ألين لداود الحديد كرامة ........ فقدر منه السرد كيف يريد

    ولأن لك المرجان وهو حجارة ........ ومقطعه صعب المرام شديد

    فيخرج الوزير، ومن كان معه من المقطع، وتنضم إليه الأمراء، ويقفون إلى جانب الراية، فيرفع صاحب المجلس الستر فيخرج من كان عند الخليفة للخدمة منهم، وفي إثرهم يبرز الخليفة بالهيئة للشروح حالها في لباسه الثياب المعروضة عليه، والمنديل الحامل لليتيمة بأعلى جبهته، وهو محنك مرخي الذؤابة مما يلي جانبه الأيسر، ويتقلد بالسيف المغربي وبيده قضيب الملك، وهو طول شبر ونصف من عود مكسو بالذهب المرصع بالدرر والجوهر، فيسلم على الوزير قوم مرتبون لذلك، وعلى أهله على الأمراء بعدهم، ثم يخرج أولئك أولاً فأولاً، والوزير يخرج بعد الأمراء فيركب ويقف قبالة باب القصر بهيئته .ويخرج الخليفة وحواليه الأستاذون ودابته ماشية على بسط مفروشة خيفة من زلقها على الرخام، فإذا قارب الباب، وظهر وجهه ضرب رجل ببوق لطيف من ذهب معوج الرأس يقال له: الغربية، بصوت عجيب يخالف أصوات البوقات، إذا سمع ذلك ضربت الأبواق في الموكب، ونشرت المظلة، وبرز الخليفة من الباب، ووقف وقفة يسيرة بمقدار ركوب الأستاذين المحنكين وغيرهم من أرباب الرتب الذين كانوا بالقاعة للخدمة، وسار الخليفة وعلى يساره صاحب المظلة، وهو يبالغ أن لا يزول عنها ظلها، ثم يكتنف الخليفة مقدمو صبيان الركاب منهم، اثنان في الشكيمة، واثنان يف عنق الدابة من الجانبين، واثنان في ركابه فالأيمن مقدم المقدمين، وهو صاحب المقرعة التي يتناولها، ويناولها، وهو المؤدي عن الخليفة مدة ركوبه الأوامر، والنواهي، ويسير الموكب بالحث .فأوله الأمراء وأولادهم، وأخلاط بعض العسكر الأماثل إلى أرباب القصر إلى أرباب الأطواق إلى الأستاذين المحنكين إلى حامل اللوائين من الجانبين إلى حامل الدواة، وهي بينه وبين قربوس السرج إلى صاحب السيف، وهما في الجانب الأيسر كل واحد ممن تقدم ذكره بين عشرة إلى عشرين من أصحابه، ويحجبه أهل الوزير المقدم ذكرهم من الجانب الأيمن بعد الأستاذين المحنكين، ثم يأتي الخليفة، وحواليه صبيان الركاب المذكورة، تفرقة السلاح فيهم، وهم أكثر من ألف رجل، وعليهم المناديل الطبقات، ويتقلدون بالسيوف، وأوساطهم مشدودة بمناديل، وفي أيديهم السلاح مشهور، وهم من جانبي الخليفة كالجناحين المادين وبينهما فرجة لوجه الفرس ليس فيها أحد، وبالقرب من رأس الصقلبيان الحاملان للمذبتين، وهما مرفوعتان كالنخلتين لما يسقط من طائر وغيره، وهو سائر على تؤدة، ورفق وفي طول الموكب من أوله إلى آخره والي القاهرة مار وعائد، يفسح الطرقات ويسير الركبان فيلقي في عوده الإسفهسلار كذلك ماراً وعائداً لحث الأجناد في الحركة والإنكار على المزاحمتين المعترضين، ويلقي عوده صاحب الباب، ومروره في زمرة الخليفة إلى أن يصل إلى الإسفهسلار، فيعود لترتيب الموكب، وحراسة طرقات الخليفة، وفي يد كل منهم دبوس، وهو راكب خير دوابه وأسرعها، هذا لمن أمام الموكب، ثم يسير خلف دابة الخليفة قوم من صبيان الركاب لحفظ أعقابه، ثم عشرة يحملون عشرة سيوف في خرائط ديباج أحمر وأصفر بشراريب غزيرة يقال لها: سيوف الدم برسم ضرب الأعناق ثم يسير بعدهم صبيان السلاح الصغير، أرباب الفرنجيات المقدم ذكرهم .ثم يأتي الوزير في هيبة، وفي ركابه من أصحابه قوم يقال لهم: صبيان الزرد من أقوياء الأجناد يختارهم لنفسه ما مقداره خمسمائة رجل من جانبيه بفرجة لطيفة أمامه، دون فرجة الخليفة، وكأنه على وفز من حراسة الخليفة، ويجتهد أن لا يغيب عن نظره، وخلفه الطبول والصنوج والصفافير، وهو مع عدة كثيرة تدوي بأصواتها وحسها الدنيا، ثم يأتي حامل الرمح المقدم ذكره ودرقته حمراء .ثم طوائف الراجل من الركابية والجيوشية، وقبلهما المصامدة، ثم الفرنجية، ثم الوزيرية زمرة زمرة في عدة وافرة تزيد على أربعة آلاف في الوقت الحاضر، وهم أضعاف ذلك، ثم أصحاب الرايات والسبعين، ثم طوائف العساكر من الآمرية والحجرية الكبار، والحافظية، والحجرية الصغار المنقولين، والأفضلية والجيوشية، ثم الأتراك المصطنعون، ثم الديلم، ثم الأكراد، ثم الغز المصطنعة، وقد كان تقدم هؤلاء الفرسان عدة وافرة من المترجلة أرباب قسي اليد، وقسي الرجل في أكثر من خمسمائة، وهم المعدون للأساطيل، ويكون من الفرسان المقدم ذكرهم ما يزيد على ثلاثة آلاف، وهذا كله بعض من كل .فإذا انتهى الموكب إلى المكان المحدود، عادوا على أدراحهم، ويدخلون من باب الفتوح، ويقفون بين القصرين بعد الرجوع، كما كانوا قبله، فإذا وصل الخليفة إلى الجامع الأقمر بالقماحين اليوم وقف وقفة بجملته في موكبه، وانفرج الموكب للوزير، فيتحرك مسرعاً ليصير أمام الخليفة، حتى يدخل بين يديه فيمر الخليفة، ويسكع له سكعة ظاهرة، فيشير الخليفة للسلام عليه إشارة خفية، وهذه أعظم مكارمة تصدر عن الخليفة، ولا تكون إلا للوزير صاحب السيف، وسبقه إلى دخول باب القصر راكباً على عادته إلى موضعه، ويكون الأمراء، قد نزلوا قبله لأنهم في أوائل الموكب، فإذا وصل الخليفة إلى باب القصر، ودخله ترجل الوزير، ودخل قبله الأستاذون المحنكون، وأحدقوا به، والوزير أمام وجه الفرس مكان ترجله إلى الكرسي الذي ركب منه، فينزل عليه ويدخل إلى مكانه بعد خدمة المذكورين له، فيخرج الوزير، ويركب من مكانه الجاري به على عادته، والأمراء بين يديه، وأقاربه حواليه، فيركبون من أماكنهم ويسيرون صحبته إلى داره، فيدخل وينزل أيضاً إلى مكانه على كرسي فتخدمه بالوداع، ويتفرق الناس إلى أماكنهم .فيجدون قد أحضر إليهم الغرة، وهو أنه يقدم الخليفة بأن يضرب بدار الضرب في العشر الآخر من ذي الحجة بتاريخ السنة التي ركب أولها في هذا اليوم جملة من الدنانير والرباعية والدراهم المدورة المقسقلة، فيحمل إلى الوزير منها ثلثمائة وستون ديناراً، وثلثمائة وستون رباعياً وثلثمائة وستون قيراطاً، وإلى أولاده، وإخوته من كل صنف من ذلك خمسون، وإلى أرباب الرتب من أصحاب السيوف، والأقلام من عشرة دنانير، وعشر رباعيات، وعشرة قراريط إلى دينار واحد، ورباعي واحد، وقيراط واحد، فيقبلون ذلك على حكم البرمكية من مبلغ الخليفة قال: ومبلغ الغرة التي ينعم بها في أول العام المقدم ذكره من الدنانير والرباعيات والقراريط ما يربط من ثلاثة آلاف دينار، والله تعالى أعلم .^

    ما كان يضرب في خميس العدس

    من خراريب الذهب

    قال ابن المأمون: وأحضر الأجل المأمون كاتب الدفتر، وأمره بالكشف عما كان يضرب برسم خميس العدس من الخراريب الذهب، وهو خمسمائة دينار عن عشرين ألف خروبة، واستدعى كاتب بيت المال، ووقع له بإطلاق ألف دينار، وأمره بإحضار مشارف دار الضرب، وسلمها إليه، فاعتمد ذلك، وضربت عشرون ألف خروبة وأحصرها، فأمر بحملها إلى الخليفة، فسير الخليفة منها إلى المأمون ثلثمائة دينار، وذكر أنها لم تضرب في مدة خلافة الحافظ لدين الله غير سنة واحدة، ثم بطل حكمها، ونسي ذكرها .قال: وصار ما يضرب باسم الخليفة يعني الآمر بأحكام الله في ستة مواضع: القاهرة، ومصر، وقوص، وعسقلان، وصور، والإسكندرية .وقال ابن عبد الظاهر: خميس العدس كان يضرب فيه خمسمائة، تعمل عشرة آلاف خروبة، كان الأفضل بن أمير الجيوش يحمل منها للخليفة مائتي دينار، والبقية برسمه، ثم جعلت في الأيام المأمونية ألف دينار، وربما زادت أو نقصت يسيراً، وقد تقدم أن قاضي القضاة كان يتولى عيار دار الضرب، ويحضر التغليق بنفسه، ويختم عليه ويحضر للموعد الآخر لفتحه.

    دار الوكالة الآمرين

    كانت دار الوكالة المذكورة ، بجانب دار الضرب ، وموضعها الآن على يمنة السالك من رأس الخراطين إلى سوق الخيميين ، والجامع الأزهر .قال ابن المأمون : يف شوال سنة ست عشرة وخمسمائة ، ثم أنشأ ، يعني المأمون بن البطائحي ، وزير الخليفة الآمر بأحكام الله دار الوكالة بالقاهرة المحروسة ، لمن يصل من العراقيين والشاميين وغيرهما من التجار ، ولم يسبق إلى ذلك .

    مصلى العيد

    وكان في شرقي القصر الكبير مصلى العيد من خارج باب النصر، وهذا المصلى بناه القائد جوهر لأجل صلاة العيد في شهر رمضان سنة: ثمان وخمسين وثلثمائة، ثم جدده العزيز بالله، وبقي بقي إلى الآن بعض هذا المصلى، واتخذ في جانب منه موضع مصلى الأموات اليوم .ذكر هيئة صلاة العيد وما يتعلق بهاقال ابن زولاق: وركب المعز لدين الله، يوم الفطر لصلاة العيد إلى مصلى القاهرة التي بناها القائد جوهر، وكان محمد بن أحمد بن الأدرع الحسني، قد بكر وجلس في المصلى تحت القبة في موضع، فجاء الخدم وأقاموه، وأقعدوا موضعه أبا جعفر مسلماً، وأقعدوه هو دونه، وكان أبو جعفر مسلم، خلف المعز عن يمينه، وهو يصلي وأقبل المعز في زيه وبنوده وقبابه، وصلى بالناس صلاة العيد تامة طويلة، قرأ في الأولى بأم الكتاب، وخل أتاك حديث الغاشية، ثم كبر بعد القراءة، وركع فأطال، وسجد فأطال، أنا سبحت خلفه في كل ركعة، وفي كل سجدة نيفاً وثلاثين تسبيحة .وكان القاضي النعمان بن محمد يبلغ عنه التكبير، وقرأ في الثانية بأم الكتاب، وسورة والضحى، ثم كبر أيضاً بعد القراءة، وهي صلاة جده علي بن أبي طالب عليه السلام، وأطال أيضاً في الثانية الركوع والسجود، أنا سبحت خلفه نيفاً وثلاثين تسبيحة في كل ركعة، وفي كل سجدة، وجهر ببسم الله الرحمين الرحيم في كل سورة، وأنكر جماعات يتوسمون بالعلم قراءة قبل التكبير لقلة علمهم، وتقصيرهم في العلوم .حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا عمر بن شيبة، ثنا عبد الله، ورجاء عن إسرائيل، عن أبي إسحاق عن الحارق عن علي عليه السلام: أنه كان يقرأ في صلاة العيد قبل التكبير، فلما فرغ المعز من الصلاة، صعد المنبر وسلم على الناس يميناً وشمالاً، ثم ستر بالسترين اللذين كانا على المنبر، فخطب وراءهما على رسمه، وكان في أعلى درجة من المنبر وسادة ديباج مثقل، فجلس عليها بين الخطبتين، واستفتح الخطبة: ببسم الله الرحمن الرحيم، وكان معه على المنبر القائد جوهر، وعمار بن جعفر، وشفيع صاحب المظلة، ثم قال: الله أكبر الله أكبر واستفتح بذلك، وخطب وأبلغ، وأبكى الناس، وكانت خطبة بخشوع وخضوع، فلما فرغ من خطبته، انصرف في عساكره وخلفه أولاده الأربعة بالجواشن والخوذ على الخيل بأحسن زي، وساروا بين يديه بالفيلين، فلما حضر في قصره أحضر الناس، فأكلوا وقدمت إليهم السمط، ونشطهم إلى الطعام، وعتب على من تأخر، وهدد من بلغه عنه صيام العيد .وقال المسبحي في حوادث آخر يوم من رمضان: سنة ثمانين وثلثمائة، وبقيت مصاطب ما بين القصور والمصلى الجديدة ظاهر بابا النصر عليها المؤذنون، حتى يتصل التكبير من المصلى إلى القصر، وفيه تقدم أمر القاضي محمد بن النعمان، بإحضار المتفقهة والمؤمنين يعني الشيعة، وأمرهم بالجلوس يوم العيد على هذه المصاطب ولم يزل يرتب الناس، وكتب رقاعاً فيها أسماء الناس، فكانت تخرج رقعة رقعة، فيجلس الناس على مصطبة مصطبة بالترتيب .وفي يوم العيد: ركب العزيز بالله لصلاة العيد، وبين يديه الجنائب، والقباب الديباج بالحلي والعسكر في زيه من الأتراك، والديلم والعزيزية، والإخشيدية، والكافورية، وأهل العراق بالديباج المثقل والسيوف، والمناطق الذهب، وعلى الجنائب السروج الذهب بالجوهر، والسروج بالعنبر، وبين يديه الفيلة عليها الرجالة بالسلاح، والزراقة، وخرج بالمظلة الثقيلة بالجوهر، وبيده قضيب جده عليه السلام، فصلى على رسمه وانصرف .وقال ابن المأمون: ولما توفي أمير الجيوش بدر الجمالي، وانتقل الأمر إلى ولده: الأفضل بن أمير الجيوش جرى على سنن والده في صلاة العيد، ويقف في قوس باب داره الذي عند باب النصر يعني: دار الوزارة فلما سكن بمصر صار يطلع من مصر باكراً، ويقف على باب داره على الحالة الأولى، حتى تستحق الصلاة، فيدخل من باب العيد إلى الإيوان، ويصلي به القاضي ابن الرسعني، ثم يجلس بعد الصلاة على المرتبة إلى أن تنقضي الخطبة فيدخل من باب الملك، ويسلم على الخليفة، بحيث لا يراه أحد غيره، ثم يخلع عليه، ويتوجه من باب الملك، ويسلم على الخليفة، بحيث لا يراه أحد غيره، ثم يخلع عليه، ويتوجه إلى داره بمصر، فيكون السماط بها مدى الأعياد، فلما قتل الأفضل، واستقر بعده المأمون بن البطائحي في الوزارة قال: هذا نقص في حق العيد، ولا يعلم السبب في كون الخليفة لا يظهر، فقال له الخليفة الآمر بأحكام الله: فما تراه أنت ؟فقال: يجلس مولانا في المنظرة التي استجدت بين باب الذهب، وباب البحر، فإذا جلس مولانا في المنظرة، وفتحت الطاقات، وقف المملوك بين يديه في قوس باب الذهب، وتجوز العساكر فارسها وراجلها، وتشملها بركة نظر مولاناً إليها، فإذا حان وقت الصلاة توجه المملوك بالموكب والزي وجميع الأمراء والأجناد، واجتاز بأبواب القصر، ودخل الإيوان، فاستحسن ذلك منه، واستصوب رأيه، وبالغ في شكره، ثم عاد المأمون إلى مجلسه، وأمر بتفرقة كسوة العيد، والهبات، يعني في عيد النحر، سنة خمس عشرة وخمسمائة، وجملة العين: ثلاثة آلاف وثلثمائة دينار وسبعة دنانير ومن الكسوات: مائة قطعة وسبع قطع برسم الأمراء المطوقين، والأستاذين المحنكين، وكاتب الدست، ومتولي حجبة الباب وغيرهم .قال: ووصلت الكسوة المختصة بالعيد في آخر شهر رمضان يعني من سنة ست

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1