Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

صبح الأعشى في صناعة الإنشا
صبح الأعشى في صناعة الإنشا
صبح الأعشى في صناعة الإنشا
Ebook751 pages5 hours

صبح الأعشى في صناعة الإنشا

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

تعد هذه الموسوعة أحد المصادر العربية الواسعة التي تتناول مواضيع متعددة منذ الفترات الأولى في الإسلام عن أنظمة الحكم، والإدارة، والسياسة، والاقتصاد، والمكتبات، والولايات والعهود والعادات والتقاليد والملابس، في الشرق العربي. وفي الكتاب يتناول القلقشندي صفات كاتب الإنشاء ومؤهلاته وأدوات الكتابة وتاريخ الدواوين التي تعرف في الوقت الحاضر بمسمى الوزارات، وأيضاً يتناول الإنشاء في البلاد العربية وفنون الكتابة وأساليبها، ويصف الكتاب أشكال ملابس الجنود، والأسلحة، ومواكب تنصيب الخلفاء والسلاطين، وعن مناسبات استطلاع هلال رمضان، وموائد الإفطار، وملاعب السباق والألعاب الرياضية، ويصف أشكال العمائم والملابس ومراكب الدواب، ومظاهر المجتمع العربي وتقاليده وأعرافه وظواهره الاجتماعية.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJan 25, 1902
ISBN9786342883495
صبح الأعشى في صناعة الإنشا

Read more from القلقشندي

Related to صبح الأعشى في صناعة الإنشا

Related ebooks

Reviews for صبح الأعشى في صناعة الإنشا

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    صبح الأعشى في صناعة الإنشا - القلقشندي

    الغلاف

    صبح الأعشى في صناعة الإنشا

    الجزء 7

    القلقشندي

    756

    تعد هذه الموسوعة أحد المصادر العربية الواسعة التي تتناول مواضيع متعددة منذ الفترات الأولى في الإسلام عن أنظمة الحكم، والإدارة، والسياسة، والاقتصاد، والمكتبات، والولايات والعهود والعادات والتقاليد والملابس، في الشرق العربي. وفي الكتاب يتناول القلقشندي صفات كاتب الإنشاء ومؤهلاته وأدوات الكتابة وتاريخ الدواوين التي تعرف في الوقت الحاضر بمسمى الوزارات، وأيضاً يتناول الإنشاء في البلاد العربية وفنون الكتابة وأساليبها، ويصف الكتاب أشكال ملابس الجنود، والأسلحة، ومواكب تنصيب الخلفاء والسلاطين، وعن مناسبات استطلاع هلال رمضان، وموائد الإفطار، وملاعب السباق والألعاب الرياضية، ويصف أشكال العمائم والملابس ومراكب الدواب، ومظاهر المجتمع العربي وتقاليده وأعرافه وظواهره الاجتماعية.

    التاريخ العجمي

    ومداره الأيام دون الليالي، لأن سنتهم مع اختلافها في الشهور ومبادئها ومقاطعها شمسيةٌ، والشمس محل ظهورها النهار دون الليل، فلذلك أرخوا بالأيام. قال أبو هلال العسكري في كتابه الأوائل: قال أحمد بن يحيى البلاذري: حضرت مجلس المتوكل، وإبراهيم بن العباس يقرأ الكتاب الذي أنشأه في تأخير النوروز، والمتوكل يتعجب من حسن عبارته ولطف معانيه والجماعة تشهد له بذلك، فدخلتني نفاسةٌ، فقلت: يا أمير المؤمنين، في هذا الكتاب خطأ! فأعادوا النظر، وقالوا: ما نراه فما هو ؟قلت: أرخ السنة الفارسية بالليالي، والعجم تؤرخ بالأيام، واليوم عندهم أربعٌ وعشرون ساعةً تشتمل على الليل والنهار، وهو جزء من ثلاثين جزءاً من الشهر، والعرب تؤرخ بالليالي، لأن سنيهم وشهورهم قمرية، وابتداء الهلال بالليل، قال: فشهدوا بصحة ما قلته، واعترف به إبراهيم. وقال: ليس هذا من علمي .قلت: وأكثر ما يحتاج إلى ذلك في تحويل السنين ونقل النيروز عند دوران السنين، كما في كتاب إبراهيم بن العباس المقدم ذكره، وكذلك في كتابة الهدن فسيأتي أنه يجمع فيها بين التاريخ العربي والعجمي جميعاً، ويجب فيه تقديم العربي على العجمي، مثل أن يكتب كتب لعشرٍ خلون من المحرم سنة ثمانمائةٍ، موافقاً للعاشر من توت من شهور القبط أو العاشر من تشرين الأولى من شهور السريان، أو العاشر من ينير من شهور الروم، أو العاشر من أفرودين ماه، من شهور الفرس ونحو ذلك .

    الجملة السابعة

    في تقييد التاريخ بالسنة

    قد علمت أن فائدة التاريخ إنما تتحقق بذكر السنة بعد اليوم والشهر، وإلا فلا يعلم من أي السنين. فإذا كتب يوم كذا من شهر كذا كتب بعد ذلك، سنة كذا، سواءٌ كان التاريخ عربياً أو عجمياً، أو مركباً منهما، مثل أن يكتب سنة كذا من الهجرة الموافق لكذا من سني الروم أو سني الفرس .ثم للكاتب في كتابة تاريخ السنة مصطلحان .المصطلح الأول أن يكتب سنة كذا فيحتاج إلى حذف الهاء من العدد، على قاعدة حذفها من عدد المؤنث، مثل أن يكتب سنة ست وثمانمائةٍ ونحو ذلك، وعلى هذا اصطلح كتاب الديار المصرية وبلاد المشرق .المصطلح الثاني أن يكتب عام كذا فيحتاج إلى إثبات الهاء في العدد على قاعدة إثباتها في عدد المذكر، مثل أن يكتب عام ستةٍ وثمانمائةٍ وعلى نحو ذلك يجري كتاب الغرب غالباً، لما يقال: إن العام يختص بالخصب، والسنة تختص بالمحل على ما تقدم ذكره في الكلام على السنين فيما يحتاج إليه الكاتب في المقالة الأولى .

    الجملة الثامنة

    في معرفة بعض التواريخ من بعض

    قد ذكر في مواد البيان أن من جملة أدب الكاتب العلم بتواريخ سني العالم واستخراج بعضها من بعض في كل وقتٍ من أوقات اليوم الذي هو فيه من كل شهرٍ وسنة من سني الأمم. وقد تقدم أيضاً أن المستعمل من التواريخ في زماننا بين الأمم أربعة تواريخ، بعضها أقدم من بعض .أولها تاريخ غلبة الإسكندر، وهو التاريخ الذي تؤرخ به السريان والروم والفرنجة ومن في معناهم إلى الآن، وهو بعد الطوفان فيما حرره الشيخ علاء الدين بن الشاطر في زيجه بثلاثة آلافٍ وسبعمائة وخمس وثلاثين سنةً وثلثمائةٍ وعشرين يوماً .الثاني التاريخ من ملك دقلطيانوس، وهو الذي يؤرخ به القبط إلى الآن، وربما عبروا عنه بتاريخ الشهداء، إشارة إلى تسميتهم الذين قتلهم دقلطيانوس من القبط شهداء، وهو بعد غلبة الإسكندر بخمسمائةٍ وأربع وتسعين سنة وثلثمائة واثنين وثلاثين يوماً .الثالث التاريخ من الهجرة، وعليه تاريخ الإسلام، وهي بعد ملك دقلطيانوس بثلثمائة وست وثلاثين سنة وثلثمائة وأحدٍ وعشرين يوماً .الرابع التاريخ من هلاك يزدجرد آخر ملوك الفرس. وقد تقدم أنه بعد الهجرة بعشر سنين وثمانيةٍ وسبعين يوماً .فأما التاريخ السرياني والرومي وهو الذي مبدأه من غلبة الإسكندر فقد تقدم أن شهور السريانيين اثنا عشر شهراً، وهي: تشرين الأول تشرين الثاني كانون الأول كانون الثاني شباط أذار نيسان أيار حزيران تموز آب أيلول. منها سبعة أشهر، كل شهر منها أحدٌ وثلاثون يوماً، وهي تشرين الأول، وكانون الأول، وكانون الثاني، وأذار وأيار وتموز وآبٌ، وأربعة أشهر كل شهر منها ثلاثون يوماً، وهي: تشرين الثاني، ونيسان، وحزيران، وأيلول. ومنها واحدٌ ثمانية وعشرون يوماً، وهو شباط، فتكون أيام سنيه ثلثمائةٍ وخمسةً وستين يوماً، ويضاف إليه ربع يوم مراعاةً للسنة الشمسية، فتصير ثلثمائة وخمسةً وستين يوماً وربع يوم ينقص جزءاً يسيراً. ومن أجل ذلك يعدون ثلاث سنين بسائط يكون شباط فيها تسعة وعشرين يوماً، لإضافة ربع اليوم في السنين الأربع إليه، وتكون السنة فيها ثلثمائةٍ وستةً وستين يوماً .وقد تقدم أيضاً أن شهور السنة الرومية تضاهي شهور السنة السريانية في عدد الأيام، بل هي هي، إلا أن الروم يسمون أشهرهم بأسماء غير أسماء شهور السريان، ويكون أول شهورهم موافقاً لكانون الثاني، وهو الشهر الرابع من شهور السريان، ويكون آخر شهورهم موافقاً لكانون الأول .وأسماء شهورهم: ينير، فبراير، مارس، إبريل، مايه، يونيه، يوليه، أغشت، شتنبر، أكتوبر، نونمبر، دجنبر. ولا فرق في شيءٍ منها سوى اختلاف الأسماء وابتداء رأس السنة، وحينئذ فيكون الكل فيها في التاريخ واحداً .وأما التاريخ القبطي، وهو الذي مبدأه من ملك دقلطيانوس، فقد تقدم أن شهور السنة القبطية اثنا عشر شهراً، وهي: توت، بابه، هتور، كيهك، طوبه، أمشير، برمهات، برموده، بشنس، بؤونة، أبيب، مسرى. وكل شهر منها ثلاثون يوماً من غير اختلاف، ثم بعد مسرى خمسة أيام يسمونها أيام النسيء، فتكون أيام سنتهم ثلثمائةٍ وخمسةً وستين يوماً، وتزيد بعد ذلك ربع يوم في كل سنة كما في التاريخ الرومي، وقد اصطلحوا على أن يعدوا منها ثلاث سنين بسائط، كل سنة منها ثلثمائة وخمسةٌ وستون يوماً لا زيادة فيها، والرابعة كبيسةٌ تكون أيام النسيء فيها ستة أيام وزيادة ربع يوم، وتصير أيام تلك السنة ثلثمائة وستة وستين يوماً، على نحو ما تقدم في السرياني والرومي .وأما التاريخ العربي: وهو الذي مبدأه الهجرة، فقد تقدم في الكلام على الشهور في المقالة الأولى أن شهور سنة العرب اثنا عشر شهرا. وهي: المحرم، صفر، ربيع الأول، ربيعٌ الآخر، جمادى الأولى، جمادى الآخرة، رجبٌ، شعبان، رمضان، شوال، ذو القعدة، ذو الحجة. وأنها قمرية مدارها رؤية الهلال، إلا أن المنجمين اعتمدوا فيها على الحساب دون الرؤية لتصحيح حساب التواريخ ونحوها، وجعلوا فيها شهراً تاماً عدده ثلاثون يوماً، وشهراً ناقصاً عدده تسعةٌ وعشرون يوماً، على ترتيب شهور السنة، فالمحرم عندهم تام، وصفر ناقص، وربيع الأول تامٌّ، وربيعٌ الآخر ناقصٌ، وجمادى الأولى تام، وجمادى الآخرة ناقص، ورجب تام، وشعبان ناقص، ورمضان تام، وشوال ناقصٌ، وذو القعدة تامٌّ، وذو الحجة ناقص. فيكون من السنة ستة أشهر تامة وستة أشهر ناقصة، وتكون السنة حينئذ ثلثمائة يوم وأربعةً وخمسين يوماً، ويلحقها بعد ذلك كسرٌ في كل سنة، وهو خمس يوم وسدس يوم، فتصير السنة ثلثمائة يوم وأربعة وخمسين يوماً وخمس يوم وسدس يوم مفرقة في ثلاثين سنة، ويجعلون الكبيسة سنةً بعد سنة ثم سنةً بعد سنتين، ثم سنةً بعد سنة، وعلى هذا الترتيب إلى آخر الثلاثين، فتكون الكبائس هي: الثانية، والخامسة، والسابعة، والعاشرة، والثالثة عشرة، والخامسة عشرة، والثامنة عشرة، والحادية والعشرين، والرابعة والعشرين، والسادسة والعشرين، والتاسعة والعشرين. فتكون كل سنةٍ منها ثلثمائة وخمسةً وخمسين يوماً، ويجعل الزائد فيها في ذي الحجة، فيكون فيها ثلاثين يوماً وباقي سني الثلاثين بسائط، كل سنة منها ثلثمائة وأربعةٌ وخمسون يوماً، وذو الحجة فيها تسعةٌ وعشرون يوماً، بناء على الأصل في أن يكون شهرٌ تاماً وشهرٌ ناقصاً .وأما التاريخ الفارس: وهو الذي مبدأه من هلاك يزدجرد، فقد تقدم في الكلام على الشهور أن سني الفرس اثنا عشر شهراً، كل شهر منها ثلاثون يوماً. وهي: أفرودين ماه، أرديهشتماه، حردادماه، تيرماه، تردماه، شهريرماه، مهرماه، أبان ماه، أدرماه، ذي ماه، بهمن ماه، اسفندراما. وبين أبان ماه وأدرماه خمسة أيام تسمى المسترقة بمثابة أيام النسيء في آخر سنة القبط، وبمقتضى ذلك تكون سنتهم ثلثمائة وخمسةً وستين يوماً، وليس فيها زيادةٌ ولا نقصٌ. فلا بد من معرفة هذه الأصول لاستخراج تواريخ بعض السنين المذكورة من بعض .ثم مما يجب تعرفه بعد ذلك أن تعلم أن التاريخ السرياني والرومي سنونه سريانية أو رومية على ما تقدم، فيعتبر فيها ما يعتبر في السنين السريانية والرومية من عدد الأيام والكبائس، والتاريخ القبطي سنونه قبطية فيعتبر فيها ما يعتبر في السنين القبطية من الأيام والكبائس، والتاريخ العربي سنونه عربية فيكون على ما تقدم في السنين العربية من عدد الأيام والكبائس، والتاريخ الفارسي سنونه فارسية فيعتبر فيها ما يعتبر في السنين الفارسية من عدد الأيام، ولا كبيسة فيهاإذا علمت ذلك فإذا أردت استخراج بعض هذه التواريخ من بعضٍ، فانظر التاريخ المعلوم عندها عندك، كالتاريخ العربي مثلاً عند الإسلاميين فجعل السنين تامة من التاريخ المعلوم أياماً، وزد عليها ما مضى من السنة المكسورة من الشهور والأيام إلى اليوم الذي تريد أن تعلم موافقته لمثله من التاريخ المجهول، ثم انظر، فإن كان التاريخ المعلوم أقدم من التاريخ المجهول، فانقص من أيام التاريخ المعلوم ما بين التاريخين من الأيام فما بقي فهو أيام التاريخ المجهول، وإن كان التاريخ المجهول أقدم، فازد ما بين التاريخين من الأيام فما بقي فهو أيام التاريخ المعلوم، فما بلغ فهو أيام التاريخ المجهول. فإذا علمت أيام التاريخ المجهول بزيادة ما بين التاريخين على أيام التاريخ المعلوم أو نقصانها منه على ما تقدم، فاجعل ما حصل معك من أيام التاريخ المجهول الذي تريد استخراجه، فما كان فهو السنون التامة للتاريخ الذي تريد استخراجه، فإذا بقي شيءٌ من الأيام فهو السنين التامة، فخذ منها لكل شهر عدد أيامه، وما بقي من الأيام دون شهر فهو الماضي من أيام الشهر الذي يلي ذلك .مثال ذلك إذا أردت أن تستخرج التاريخ السرياني أو الرومي الموافق لآخر سنة ثمانمائة من الهجرة، فقد تقدم لك أن التاريخ السرياني والرومي مبدأه من غلبة الإسكندر على الفرس، وهو قبل الهجرة بتسعمائة سنةٍ واثنتين وثلاثين سنة ومائتين وسبعةٍ و ثامنين يوماً، وذلك ثلثمائة ألف يوم وأربعون ألف يوم وسبعمائة يوم، فاحفظ ذلك، ثم ابسط الماضي من سني الهجرة وهو ثمانمائة سنة أياماً، بأن تضرب الثمانمائة في عشرة آلاف وستمائة وأحد وثلاثين يوماً، وهي بسط السنة العربية من حين كسرها الزائد على أيامها، وهو خمس يوم وسدس يوم، يكون ثمانية آلاف وخمسمائة ألف وأربعة آلاف وثمانمائة، فاقسمه على ثلاثين وهي مخرج الكسر الذي هو الخمس والسدس، يخرج بالقسمة مائتا ألف وثلاثة وثمانون ألفاً وأربعمائة وثلاثة وتسعون، وهو عدد أيام الثمانمائة سنة، فاضفه على ما بين غلبة الإسكندر والهجرة من الأيام، وهو ثلاثمائة ألف وأربعون ألفاً وسبعمائة يوم، ويكون الجمع ستمائة ألف وأربعةً وعشرين ألفاً ومائةً وثلاثةً وتسعين، فاجعل تلك الأيام سنين سريانية، بأن تضرب تلك الأيام في أربعة، يحصل منها ألفاً ألف وأربعمائة ألف وستةٌ وتسعون ألفاً وسبعمائة واثنان وسبعون يوماً، فاقسمه على ألف وأربعمائةٍ وأحد وستين، يخرج بالقسمة ألفٌ وسبعمائة وثمانية، وهي سنون تامة، ويفضل بعد ذلك ألفٌ وثمانمائة وأربعة وثمانون، فاقسمها على أربع، يخرج ثلاثمائة وستة وأربعون يوماً، ويكون ذلك أحد عشر شهراً، من أول تشرين الأول وأحد عشرة يوماً من الشهر الثاني عشر من الشهور السريانية وهي أيلول، فيكون آخر يوم من سنة ثمانمائة هجرية موافقاً لليوم الحادي عشر من أيلول سنة ألف وسبعمائة وتسع من السريانية .وإن أردت أن تستخرج التاريخ القبطي لآخر سنة ثمانمائةٍ، فقد تقدم أن التاريخ القبطي ابتداؤه من ملك دقلطيانوس على القبط، وهو قبل الهجرة بثلثمائة وسبع وثلاثين سنة وثلثمائةٍ وعشرين يوماً، وجملة أيامه مائة ألف يوم وثلاثةٌ وعشرون ألف يوم وأربعمائة يوم وتسعة أيام، فأضف أيام الماضي من سني الهجرة، وهو مائتا ألف وثلاثة وثمانون ألفاً وأربعمائة وثلاثة وتسعون على ما تقدم في التاريخ السرياني على ما قبل الهجرة وهو مائة ألف وثلاثة وعشرون ألفاً وأربعمائة وتسعة أيام، يكون المجموع أربعمائة ألفٍ وستة آلاف وتسعمائة يوم ويومين، فاجعله سنين قبطية، بأن تضرب ذلك في أربعة عدد مخرج كسر السنة القبطية، وهو الربع الزائد على الخمسة وستين، يكون ألف ألف وستمائة ألف وسبعة وعشرين ألفاً وستمائة وثمانية، فاقسمه على ألف وأربعمائة وأحد وستين، يخرج بالقسمة ألف ومائة وأربعة عشر، وهو عدد السنين القبطية التامة، ويبقى بعد ذلك أربعةٌ وخمسون، فاقسمه على الأربعة المذكورة يخرج بالقسمة أربعة عشر، وهي أيام من الشهر الأول من السنة القبطية الناقصة، فيكون آخر يوم من سنة ثمانمائة للهجرة موافقاً لرابع عشر شهر توت سنة ألف ومائة وخمس عشرة من السنين القبطية .وإن أردت أن تستخرج التاريخ الفارسي لآخر سنة الثمانمائة المذكورة، فقد تقدم أن ابتداء التاريخ الفارسي بعد الهجرة بعشر سنين وثمانين يوماً، وجملة أيامه ثلاثة آلاف يوم وستمائة يوم وأربعةٌ وعشرون يوماً، فأسقطها من الحاصل من أيام النسيء الماضي من الهجرة إلى آخر الثمانمائة، يكون الباقي بعد ذلك مائتي ألفٍ وتسعةً وسبعين ألفاً وثمانمائة وتسعةً وستين يوماً، فاقسمها على ثلثمائة وخمسة وستين، يخرج لك سبعمائة وستةٌ وستون سنة، وهو عدد السنين الفارسية التامة، ويفضل بعد ذلك مائتان وتسعةٌ وسبعون يوماً، فخذ لكل شهر عدد أيامه، وهو ثلاثون يوماً ويبقى تسعة أيام، منها خمسة أيام في نظير الخمسة الأيام الزائدة في آخر أبان ماه المعروفة بالمسترقة، يبقى أربعة أيام من شهر ذي ماه، وهو الشهر العاشر من شهورهم، فيكون آخر يوم من ثمانمائة من الهجرة موافقاً لليوم الرابع من ذي ماه من شهور الفرس سنة سبعمائة وسبع وستين .فلو فرض أنه مضى من سنة إحدى وثمانمائة ستة أشهر مثلاً، فاجعل الأشهر شهراً تاماً وشهراً ناقصاً على ما تقدم، تكون أيامها مائةً وسبعة وسبعين يوماً فأضفها على أيام الثمانمائة، وافعل فيها ما تقدم ذكره، لا يتغير العمل في شيء من ذلك .مثال ذلك: إذا أردت استخراج التاريخ السرياني في آخر جمادى الآخرة سنة إحدى وثمانمائة، فأضف مائة وسبعة وسبعين، وهي أيام ستة أشهر على أيام الثمانمائة، وهي مائتا ألفٍ وثلاثةٌ وثمانون ألفاً وأربعمائة وثلاثةٌ وتسعون، يكون المجموع مائتي ألفٍ وثلاثةً وثمانين ألفاً وستمائة وستين يوماً، فأضف إليه ما بين الهجرة والتاريخ السرياني، وهو ثلثمائة ألفٍ وأربعون ألفاً وسبعمائة، يحصل من ذلك ستمائة ألفٍ وأربعة وعشرون ألفاً وثلثمائة وسبعون، فاضربه في أربعة يخرج ألف وستمائة وتسعة، ويفضل من الأيام مائةٌ وثمانية وخمسون يوماً، تكون سابع أذار من شهور السريان، فيكون آخر يوم من جمادى الآخرة سنة إحدى وثمانمائة موافقاً للسابع من شهر أذار سنة ألف وسبعمائة وعشر من سني السريان .قلت: وفي كتب الزيجات وغيرها طرق مختلفة لاستخراج التواريخ، وجداول موضوعةٌ لا يحتملها هذا الكتاب فليراجعها من احتاج إلى زيادة على ذلك .

    الجملة التاسعة

    في موضع كتابة التاريخ من الكتاب

    وصورة وضعه في الكتابة

    أما موضعه من الكتاب، فقال محمد بن عمر المدائني في كتاب القلم والدواة: رسموا تاريخ الكتب في آخرها، وجعلته العامة في صدورها. والتحقيق في ذلك ما ذكره صاحب مواد البيان وغيره أن الكتب التي تؤرخ على ضربين :الضرب الأول الكتب السلطانية، ولها حالان :الحالة الأولى أن يكون الكتاب في أمر تتشوف النفوس إلى معرفة اليوم الذي وقع ذلك الأمر فيه، كالحوادث العظام، والفتوحات والمواسم ونحوها، فيؤرخ الكتاب في صدره، مثل أن يكتب في صدر الكتاب كتاب أمير المؤمنين إليك، أو كتابنا إليك يوم كذا من سنة كذا كما كان يكتب في الزمن المتقدم في مثل ذلك .الحالة الثانية أن يكون الكتاب في أمر لا تتشوف النفوس إلى معرفة اليوم الذي يقع ذلك الأمر فيه، فيؤرخ الكتاب في آخره .الضرب الثاني كتب الأتباع إلى الرؤساء .والرسم فيها أن تؤرخ في صدورها. قال في مواد البيان: وذلك مثل أن يقال: كتب العبد من مقر خدمته يوم كذا .قلت: والذي استقر عليه حال كتاب الزمان كتابة التاريخ في آخر الكتاب بكل حال، سواءٌ كان المكتوب ولايةً أو مكاتبةً أو غير ذلك، ولعل الولايات وما في معناها لم يقع الاختلاف في كتابتها في آخر المكتوب في زمن من الأزمان .وأما صورة وضع التاريخ في الكتابة، فقد اصطلح الكتاب على أن جعلوا التاريخ بعد كتابة إن شاء الله تعالى في سطرين، فيكتبون كتب في كذا من شهر كذا في سطرٍ، ثم يكتبون سنة كذا، في سطر تحته، وفي الكتب عن قضاة القضاة يجعل كتابهم جميع التاريخ في سطر واحد.

    الطرف الثالث

    في المستندات وفيه جملتان

    الجملة الأولى

    في صورة ما يكتب

    وهو على ضربين

    الضرب الأول

    أن يضاف إلى مرسوم السلطان

    وله خمس حالات

    الحالة الأولى أن يكون بتلقي كاتب السر، إما بما يأمر به السلطان عند قراءته القصة عليه، أو بما يكتبه كاتب السر ويمضيه من نفسه، كما في خلاص الحقوق ونحوها، فيكتب فيه حسب المرسوم الشريف في سطرٍ واحد لا غير .الحالة الثانية أن يكون بتلقي كاتب السر أو أحد من كتاب الدست بدار العدل، عند جلوس السلطان في المواكب بالإيوان وقراءة كاتب السر وكتاب الدست قصص المظالم ونحوها عليه. فيكتب فيه حسب المرسوم الشريف من دار العدل الشريف سطرين أحدهما تحت الآخر، ويكون في السطر الأول حسب المرسوم الشريف والباقي في السطر الثاني .الحالة الثالثة أن يكون برسالة الدوادار. فيكتب فيه حسب المرسوم الشريف سطراً واحداً، ثم يكتب تحته برسالة الجناب العالي الأميري الدوادار، الفلاني باللقب المضاف إلى الملك كالناصري ونحوه ضاعف الله تعالى نعمته ويكون آخر السطر الأول الأميري الفلاني .الحالة الرابعة أن يكون من ديوان الخاص. فيكتب فيه حسب المرسوم الشريف من ديوان الخاص الشريف ويكون حسب المرسوم الشريف سطراً، وباقي الكلام سطراً .الحالة الخامسة أن يكون بخط السلطان بظاهر قصةٍ. فيكتب حسب المرسوم الشريف بالخط الشريف سطرين، ويكون حسب المرسوم الشريف سطارً على ما تقدم، وما بعده سطراً .قلت: ومما يجب التنبه له أن لفظ حسب الواقع في المستندات منقول اللغة فيه بفتح السين كما تقول: فعلت ذلك حسب أمرك، ولا يجوز تسكينها بحال كما أطبق عليه علماء اللغة، إلا ما حكاه الجوهري في صحاحه من جواز تسكينها في ضرورة الشعر، على أن جل كتاب الزمان يغلطون في ذلك فلا ينطقون بها إلا ساكنة السين، وربما ضبطوه كذلك في الكتابة.

    الضرب الثاني

    أن يجعل مستنده الإشارة

    وله ثلاث حالات

    الحالة الأولى أن يكون بإشارة النائب الكافل، فيكتب بالإشارة العالية الأميرية الكبيرية الكافلية، كافل الممالك الشريفة الإسلامية، أعلاها الله تعالى! سطرين، ويكون آخر السطر الأول الكافلية الفلانية .الحالة الثانية أن يكون بإشارة الوزير، فيكتب بالإشارة العالية الوزيرية الفلانية، مدبر الممالك الشريفة أعلاها الله تعالى! سطرين، ويكون آخر السطر الأول الوزيرية الفلانية .الحالة الثالثة أن يكون بإشارة الإستدار، فيكتب بالإشارة العالية الأميرية الكبيرية الفلانية، إستدار العالية، أعلاها الله تعالى! سطرين، ويكون آخر السطر الأول الكبيرية الفلانية. وقد تقدم في الكلام على الألقاب ما جرى عليه الكتاب في لفظ إستدار من التحريف، واستعملوه بلفظ إستادار، أو استاد الدار، وتجب موافقتهم عليه وإن كان خطأ جرياً على المصطلح.

    في موضع كتابة المستند

    وقد اصطلح الكتاب على أن يكتب المستند في الغالب بعد التاريخ، ويكون الظرف أو الجار والمجرور فيه متعلقاً من التاريخ بلفظ كتب، وكأنه يقول: كتب في تاريخ كذا، حسب الأمر الشريف، أو بالإشارة الفلانية. وربما كتب بحاشية المكتوب في المراسيم الصغار التي تكتب على ظهور القصص ونحوها، وكذلك أوراق الطريق، وموضع كتابته يقابل بين السطرين الأولين آخذاً من جهة الأسفل إلى جهة الأعلى بحيث يكون آخر كتابة المستند مسامتاً للسطر الأول، فإن كان حسب المرسوم الشريف فقط، كتبه سطراً واحداً، وإن كان من دار العدل كتب حسب المرسوم الشريف سطراً، ومن دار العدل الشريف سطراً تحته، وكذلك إن كان من ديوان الخاص كما يكتب في أسفل الكتاب. وإن كان برسالة الدوادار، فقد جرت العادة أن يكتب حسب المرسوم الشريف في أسفل الكتاب تحت التاريخ سطراً واحداً، ويكتب برسالة الجناب العالي، الأميري، الكبيري، الفلاني، الدوادار، الفلاني ضاعف الله تعالى نعمته! بالهامش في المحل المتقدم، سطرين كما كان يكتب بآخر الكتاب. وإن كان المستند الإشارة كتب جميعه بحاشية الكتاب في المحل المقدم ذكره سطرين على ما تقدم بيانه .

    الطرف الرابع

    في الحمدلة في آخر الكتاب

    وفيه جملتان

    الجملة الأولى

    في الأصل في كتابتها

    والأصل في ذلك أن الله سبحانه كما جعل الحمد مفتاحاً للأمور تيمناً بالافتتاح به، جعله ختاماً لها تيمناً بالاختتام به، قال تعالى: 'وقضي بنيهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين' وقال جلت قدرته: 'دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلامٌ وآخر دعواهم أن الحمد للهرب العالمين'. وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، إذا رجع من السفر قال: 'ائبون تائبون لربنا حامدون'. قال السهيلي: ومن ثم سمي النبي صلى الله عليه وسلم أحمد إشارةً إلى أنه خاتم الأنبياء وآخر المرسلين .ولما كان الأمر كذلك، اصطلح الكتاب على اختتام الكتب بالحمد تبركاً. قال ابن شيث في معالم الكتابة: ولا يختم بالحمد لله في التواقيع في المظالم، وربما ختم بها في تواقيع الإطلاقات. وقد اصطلح كتاب الزمان على حذفها من آخر ما لا يكتب في أوله البسملة، كالتواقيع الصغار ونحوها، على ما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعال. وكأنهم يشيرون بذلك إلى أن مثل ذلك لا يهتم بشأنه، فكما حذفوا البسملة من أولها حذفوا الحمدلة من آخرها إشارةً إلى عدم الاهتمام بها كما حذفت من أول الكلام الذي لا يهتم به لأجل ذلك على ما تقدم بيانه .

    الجملة الثانية

    في بيان ما يكتب

    وصورة وضعه في الكتابة

    أما ما يكتب، فقد اصطلحوا على أن يكتبوا في حمدلة آخر الكتاب الحمد لله وحده وربما كتبوا: الحمد لله رب العالمين. على أنهم لو أطبقوا على كتابتها لكان أولى. فقد ذكر النووي في كتابه الأذكار أنها أفضل صيغ الحمد ومن أجل ذلك افتتحت بها فاتحة الكتاب التي هي أم القرآن .وأما وضعها في الكتابة، فقد اصطلحوا على أن جعلوها بعد كتابة المستند عن يمنة الدرج، على بعد قدر ما بين إن شاء الله تعالى والسطر الآخر من المكتوب. قال في معالم الكتابة وقد تحتمل الخروج عن سمت السطور.

    الطرف الخامس

    في الصلاة على النبي

    صلى الله عليه وسلم في آخر الكتاب وما يلتحق بذلك وفيه جملتان

    الجملة الأولى

    في أصل إثباتها في آخر الكتاب

    والأصل في ذلك مع ما تقدم في الكلام على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في أول الكتب في الكلام على الفواتح أنه كما ذكرت في أوائل الكتب تبركاً، كذلك ذكرت في آخرها تبركاً. وقد قال تعالى في حقه صلى الله عليه وسلم: 'ورفعنا لك ذكرك' فإن معناه ما ذكرت إلا ذكرت معي، ولما اختتمت الكتب بالحمد لله، ناسب أن يقرن الحمد بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، جمعاً بين ذكره وذكر الله تعالى. وقد ذكر ابن هشام في سيرته أن النبي صلى الله عليه وسلم، كتب في آخر عهده لعمرو بن حزم حين وجه إلى اليمن صلى الله على محمد .ثم الكلام في الجمع بين الصلاة والسلام، والصلاة على الآل والصحب بعده صلى الله عليه وسلم في آخر الكتاب على ما مر في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في أول الكتاب .قلت: فلو كتب كتابٌ لسلطانٍ أو غيره من المسلمين إلى أحد من أهل الكفر، فهل يؤتى بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كما يؤتى بها في الكتاب إلى المسلم إرغاماً للكافر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، أو لا يؤتى بها صيانةً لاسمه صلى الله عليه وسلم عن حصوله في يد كافرٍ، كما يمنع من السفر بالمصحف إلى بلاد الكفر ؟لم أر من تعرض له، والظاهر أنه يؤتى بها إرغاماً للكافر، ومواجهةً له بما يكره .وقد حكى أبو هلال العسكري في كتابة الأوائل أن عبد الملك بن مروان، حين أحدث كتابة سورة الإخلاص وذكر النبي صلى الله عليه وسلم، على الدنانير والدراهم، كتب إليه ملك الروم: إنكم قد أحدثتم في طواميركم شيئاً من ذكر نيبكم، فاتركوه وإلا أتاكم في دنانيرنا ذكر ما تكرهون، فعظم ذلك في صدر عبد الملك، فأرسل إلى خالد بن يزيد بن معاوية يستشيره في ذلك، وكان أديباً عالماً فقال له خالدٌ: فرخ روعك يا أمير المؤمنين، حرم دنانيرهم واضرب للناس سككاً فيها ذكر الله تعالى وذكر رسوله صلى الله عليه وسلم ولا تعفهم مما يكرهون في الطوامير، ففعل .

    الجملة الثانية

    في بيان ما يكتب في التصلية

    في آخر الكتب وصورة وضعه في الكتابة

    أما صورة ما يكتب، فقد اصطلح الكتاب على أن يكتبوا في التصلية في آخر الكتاب بعد الحمد لله وحده ما صورته وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلامه. وهي صيغة مستحسنة للإتيان بالصلاة فيها بصيغة الجمع، والجمع بين الصلاة والسلام، وإتباع الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم، بالصلاة والسلام على الآل والصحب. وربما أتى بعض الكتاب بالصلاة بلفظ الإفراد، فيكتب وصلاته .واعلم أن الصلاة يجوز كتابتها بالألف على هذه الصورة الصلاة ويجوز كتابتها بالواو على هذه الصورة الصلوة إلا أن محل ذلك ما إذا لم تضف إلى ضمير نحو صلاته وصلاتك. فإن أضيفت إلى الضمير تعينت كتابتها بالألف دون الواو، وربما غلط فيها بعض الكتاب فكتبها بالواو .وأما موضعها في الكتابة، فقد اصلطلحوا على أن يكتبوا ذلك تلو الحمد لله وحده، يفصل بياض بينهما لتكون الحمدلة في أول السطر، والتصلية في آخره.

    الطرف السادس

    في الحسبلة في آخر الكتاب

    وفيه جملتان

    الجملة الأولى

    في أصل كتابتها

    والأصل في ذلك ما دل عليه قوله تعالى: 'الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. فانقلبوا بنعمةٍ من الله وفضلٍ' فجعل قولهم: حسبنا الله ونعم الوكيل سبباً لحسن المنقلب والصون عن السوء. وقد قيل: من قال حسبنا الله ونعم الوكيل لم يخب في قصده .

    الجملة الثانية

    في بيان ما يكتب في ذلك

    وكيفية وضعه في الكتابة

    أما ما يكتب، فقد اصطلح الكتاب على أن يكتبوا حسبنا الله ونعم الوكيل بلفظ الجمع، على أن المتكلم يتكلم بلسانه ولسان غيره من الأمة، لا أن الجمع للتعظيم، لأنه ليس بلائق بالمقام. وكان بعض الكتاب يستحب أن يكتب حسبي الله بلفظ الوحدة فراراً من اللبس في لفظ الجمع بين التعظيم والجمع الحقيقي. وقد أشار في صناعة الكتاب إلى بعض ذلك. قال ابن شيث في معالم الكتابة: وقد يتأدب الأدنى مع الأعلى، فيأتي بالآية على نصها فيقول: 'وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل' فراراً من نون الجمع التي هي للعظمة. قال: وقد يقال في مكانها: 'ومن يتوكل على الله فهو حسبه' ثم قال: فأما الأعلى إذا كتب للأدنى فلا يخرج عن حسبنا الله ونعم الوكيل. ثم بعض الكتاب قد يكتب مع الحسبلة واواً بأن يكتب: وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا معنى للواو هنا، إذ لا علاقة بين الحسبلة وما قبلها حتى يسوغ العطف عليه، فالواجب حذفها كما نبه عليه الشيخ جمال الدين بن هشام في ورقاته في الوراقة .وأما موضع وضعها في الكتابة، فقد اصطلحوا على أن يكتبوها سطراً واحداً بعد سطر الحمدلة والتصلية، ويكون بينهما في البعد قدر ما بين إن شاء الله تعالى وبين السطر الآخر من البياض. قال ابن شيث: وموضعها ثلث السطر من الجانب الأيمن إلى حيث ينتهي .واعلم أن الكتاب قد اصطلحوا على أن يكتبوا تحت الحسبلة صورة حاء لطيفة منكبة على هذه الصورة حر ولا معنى لها، إذ هي في الأصل إشارة إلى الحسبلة نفسها، وكأن بعض الكتاب كان يكتفي بها عن الحسبلة، ثم التبس ذلك على بعض الكتاب فأثبتها مع الحسبلة على ظن أن فيها قدراً زائداً عليها، ويحتمل أنها إنما وضعت في الأصل لسد البياض كما يكتب بعض الدوائر لسد البياض أو الفصل بين الكلامين وغير ذلك.

    الطرف السابع

    في اللواحق

    وفيه جملتان

    الجملة الأولى

    في التتريب

    ويتعلق به أمران

    الأمر الأول

    في الندب إلى التتريب

    لا نزاع في أن تتريب الكتاب بعد الفراغ منه بإلقاء الرمل ونحوه عليه مطلوبٌ، وفيه معنيان :المعنى الأول التبرك طلباً لنجح القصد، فقد روى محمد بن عمر المدائني في كتاب القلم والدواة بسنده عن إسماعيل بن محمد بن وهبٍ عن هشام بن خالد وهو أبو مروان الأزدي، عن بقية بن الوليد، عن عطاءٍ، عن ابن جريج، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: 'تربوا الكتاب ونحوه من أسفله فإنه أعظم للبركة وأنجح للحاجة'. وفي حديث 'إذا كتب أحدكم كتاباً فليتر به فإنه مباركٌ وهو أنجح لحاجته. 'ومن كلام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تربوا الكتاب تنجحوا. ويؤيد ذلك ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتابين إلى أهل قريتين فترب أحدهما ولم يترب الآخر، فأسلمت القرية التي ترب كتابها. وهذا المعنى موجود في المكاتبات والولايات وغيرهما لطلب البركة والنجاح في جميع ذلك .وقد حكي أن أبا دهمان مرض مرضاً أشفى فيه، فأوصى وأملى وصيته على ابنه، فكتبها وأتربها فقال: نعم تربها فإنه أنجح للحاجة. ولا فرق في ذلك بين أن يكون المكتوب قد جف أم لا، لأن القصد إنما هو النجح والبركة .المعنى الثاني التجفيف لما كتبه بطرح التراب عليه كي لا ينمحي بما يصيبه قبل الجفاف، وهذا المعنى أضعف من الأول، ومقتضاه أنه إذا جف الكتاب لا يترب، وعليه عمل كتاب الزمان. ومن هنا يضعون التراب على آخر الكتاب من حيث أنه أقرب عهداً بالكتابة فيحتاج إلى التجفيف، بخلاف أول الكتاب فإنه يكون قد جف عند نهاية الكتاب غالباً، لا سيما في الزمن الحار، أو مع طول الكتاب وامتداد زمن كتابته. على أن صاحب مواد البيان وغيره من قدماء الكتاب قد صرحوا بأنه يستحب وضع التراب أولاً على البسملة، ثم يمره الكاتب منها على سائر المكتوب ليعم الكتاب بركة البسملة. ولقائلٍ أن يقول إن التتريب من آخر الكتاب إلى أعلاه لا يخلو أيضاً من بركة، لملامسة التراب أولاً الحمدلة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والحسبلة. وربما أبلغ بالتراب من أسفل الكتاب إلى البسملة ثم أعاده فيجمع فيه بين البركتين.

    الأمر الثاني

    فيما يترب به الكتاب

    وقد اصطلح كتاب الزمان على التتريب بالرمل الأحمر. أما تخصيصهم التتريب بالرمل، فلأنه لا غبار فيه يعلق بالكتاب فيذهب بهجة الورق. وأما اختيارهم الأحمر دون غيره فلأنه أبهج إذا لصق بالكتاب. قال محمد

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1