Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

تاريخ الإسلام ط التوفيقية - جـ29
تاريخ الإسلام ط التوفيقية - جـ29
تاريخ الإسلام ط التوفيقية - جـ29
Ebook651 pages3 hours

تاريخ الإسلام ط التوفيقية - جـ29

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي توفى 748
شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي توفى 748
شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي توفى 748
شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي توفى 748
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJan 1, 2019
ISBN9786781985347
تاريخ الإسلام ط التوفيقية - جـ29

Read more from شمس الدين الذهبي

Related to تاريخ الإسلام ط التوفيقية - جـ29

Related ebooks

Reviews for تاريخ الإسلام ط التوفيقية - جـ29

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    تاريخ الإسلام ط التوفيقية - جـ29 - شمس الدين الذهبي

    المجلد التاسع والعشرون

    الطبقة الثالثة والأربعون

    أحداث سنة إحدى وعشرين وأربعمائة

    المجلد التاسع والعشرون

    الطبقة الثالثة والأربعون

    أحداث سنة إحدى وعشرين وأربعمائة

    ...

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الطبقة الثالثة والأربعون

    أحداث سنة إحدى وعشرين وأربعمائة

    فتنة أهل الكرْخ بعاشوراء:

    في عاشوراء أغلقَ أهل الكرْخ أسواقهم، وعلّقوا عليها المُسُوح وناحوا، وذلك لأنّ السلطان انحدر عنهم فوقع القتال بينهم وبين السُّنة. ثمّ أُنزل المُسُوح وقُتل جماعة من الفريقين، وخرِّبت عدة دكاكين. وكَثُرت العملات من البرجميّ مقدّم العيّارين وأخذ أموالًا عظيمة1.

    انتهاب الأهواز:

    وفيها دخل جلال الدّولة وعسكره إلى الأهواز ونهبتها الأتراك وبدّعوا بها، وزاد قيمة الّذي أخذ منها على خمسة آلاف دينار، وأُحرقت عدّة أماكن، بل ما يمكن ضبطه2.

    ولاية عهد القادر بالله:

    وفي جُمَادى الأولى جلس القادر بالله، وأذِن للخاصّة والعامّة، وذلك عقِيب شَكاةٍ عرضت له.

    وأظهر في هذا اليوم تقليد ولده أبي جعفر بولاية العهد وهنّى الناسُ أبا جعفر ودَعوا لله، وذُكِرَ في السّكّة والخطْبة3.

    غزو الخَزَر:

    وجاء الخبر أنّ مطلوب الكُرديّ غزا الخَزَر فقَتَل وسبي وغنِم وعاد، فاتّبعوه وكسروه واستنقذوا الغنائم والسَّبْي، وقتلوا من الأكراد والمطّوعة أكثر من عشرة آلاف، واستباحوا أموالهم4.

    انهزام ملك الروم عند حلب:

    وكان ملك الروم، لعنه الله، قد قَصَد حلب في ثلاثمائة ألف، ومعه أموال على سبعين جمّازة، فأشرف على عسكره مائة ألف فارس من العرب، وألف راجل، فظنّ أنّها كبْسة، فلبس ملكهم خُفًّا أسودَ حتّى يخفي، فهرب. وأخذوا من خاصه أربعمائة بغْل بأحمالها، وقتلوا من جيشه مقتلةً عظيمة1.

    الفتنة بين الهاشميّين والأتراك:

    وفي شوّال اجتمع الهاشميّون إلى جامع المنصور، ورفعوا المصاحف واستنفروا النّاس، فاجتمع لهم الفُقَهاء وخلقُ من الكَرْخ وغيرها، وضجوّا بالاستعْفاء من الأتراك، فلمّا رَأَوْهم قد رفعوا أوراق القرآن على القَصَب رفعوا لهم قناةً عليها صليب. وترامى الفريقان بالآجُرّ والنشّاب وقُتِل طائفة، ثمّ أُصلح الحال.

    وكَثُرت العَمْلات والكَبْسات من البرجميّ ورجاله، وأخذ المخازن الكِبار وفتح الدّكاكين، وتجدّ دخول الأكراد المتلصِّصة إلى بغداد، وأخذوا خيل الأتراك من الإصطبلات2.

    امتناع الركْب من العِرَاقِ:

    ولم يخرج رَكْبٌ من العراق في هذه السنة.

    وفاة ابن حاجب النعمان:

    وتُوُفّي ابن حاجب، النُّعمان الكاتب.

    شراء ملك الروم نصف الرُّها:

    وفيها اشترى ملك الروم الَّنْصرانيّ نصف مدينة الرُّها بعشرين ألف دينار من عُطَيْر النُّمَيريّ، فهدمَ الملعون المساجد وأجلى المسلمين منها3.

    استِرجاع الرُّها:

    ثمّ أخذها السّلطان مَلكْشاه سنة تسعٍ وسبعين، وسلّمها إلى الأمير توران. ثمّ أخذتها الفرنج في أوّل ظهورهم على البلاد سنة اثنتين وتسعين، وبقيت بأيديهم إلى أن افتتحها زنْكي والد الملك نور الدين محمود سنة تسع وثلاثين وخمسمائة1.

    أحداث سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة

    سرقة دار الملكة:

    في المحرم نقب اللصوص دار الملكة وأخذوا قماشًا وهربوا، وأقام التّجّار على المبيت في الأسواق، وأمْر العيّارين يتفاقم لأنّ أمور الدّولة مُنحلّة، فلا قوّة إلا بالله.

    عزْل أبي الفضل ابن حاجب النعمان:

    وفيها عُزِل أبو الفضل مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد الْعَزِيز بْن حاجب النُّعْمان عن كتابة الإنشاء للقادر بالله، وكانت مباشرته سبعة أشهر، لأنه لمّا تُوُفّي أبوه أبو الحسن وأُقيم مقامه لم تكن له دِرْبَةٌ بالعمل1.

    فتنة الصّوفيّ:

    وفيها عزم الحرميّ الصُّوفيّ الملقّب بالمذكور على الغزو، واستأذن السّلطان، فأذِن له وكتب له منشورًا، وأُعطي منْجُوقًا. واجتمع إليه طائفة فقصد الجامع للصّلاة ولقراء المنشور، ومرّ بطاق الحرّانيّ وعلى رأسه المَنْجُوق وقُدّامه الرّجال بالسّلاح، وصاحوا بذِكْر أبي بكر وعمر وقالوا: هذا يوم معاويٌّ. فرماهم أهل الكَرْخ، وثارت الفتنة، ومُنعت الصّلاة، ونُهِبت دار الشّريف المرتضى، فخرج مُرَوَّعًا، فجاءه جيرانه الأتراك فدافعوا عنه وعن حرَمه. وأُحرقت إحدى سَرِيّاته. ونُهبت دُور اليهود وطُلبوا لأنهم أعانوا اهل الكَرْخ فيما قيل.

    ومن الغد اجتمع عامّة السُّنَّة، وانضاف إليهم كثير من الأتراك، وقصدوا الكَرْخ، فأحرقوا الأسواق، وأشرف أهل الكرخ على خطة عظيمة.

    وركب الخليفة إلى الملك والإسْفَهسلاريّة يُنْكر ذلك، وأمر بإقامة الحدّ على الجُناة، فركب وزير الملك، فوقعت في صدره آجُرّة وسقطت عمامته، وقُتِل من أهل الكَرْخ جماعة، وانتهب الغلمان ما قدروا عليه، وأُحرق وخُرِّب في هذه الفتنة سوق العروس، وسوق الصّفّارين، وسوق الأنماط، وسوق الزّيّاتين، وغير ذلك. وزاد الاختلاف والفُرْقة.

    وعبرَ سَكْرانٌ بالكَرْخ فضُرب بالسّيف فقُتِل، ولم يجر في هذه الأشياء إنكار من السُّلطان لسقوط هيبته1.

    مقتل الكلالكيّ ناظر المعونة:

    ثمّ قتلت العامّة الكلالكيّ، وكان ينظر في المعونة، وتبسّط العوامّ وأثاروا الفِتَن، ووقع القتال في البلد من الجانبين، واجتمع الغلمان، وأظهروا الكراهة للملك جلال الدّولة، وشكوا إطّراحَهم واطّراح تدبيرهم، وأشاعوا أنّهم يقطعون خطبته. وعلم الملك فقلق، وفرَّق مالًا في بعضهم، ووعدهم وحلف لهم.

    ثم عادوا للخوض في قَطْع خُطْبته وقالوا: قد وقفت أمورنا وانقطعت موَادُّنا ويئسنا من خير ذا. ودافع عنه الخليفة.

    هذا، والعامّة في هرْج وبلاء، وكبْسَات وويل2.

    أخْذ الروم قلعة فامية:

    وأقبلت النّصارى الرُّوم، فأخذوا من الشّام قلعة فامية.

    وفاة القادر بالله:

    ومات في آخر السّنة القادر بالله.

    خلافة القائم بأمر الله:

    واستخلف القائم بأمر الله، وله إحدى وثلاثون سنة، وأمه أم ولد أرمنية اسمها

    بدرُ الدُّجى، أدركت خلافته. فأوّل من بايعه الشّريف المرتضي، وقال:

    إذا ما مضي جبلٌ وانْقَضَى ... فمنك لنا جبلٌ قد رسى

    وإنّا فُجعنا ببدْر التّمامِ ... وعنه لنا نابَ بدْرُ الدُّجى

    لنا حَزَنٌ في محل السُّرور ... وكم ضَحِك في خلالِ البُكا

    فيا صارمًا أغْمَدتْه يدٌ ... لنا بعدك الصّارمُ المُنْتَضَى

    ولمّا حضرناك عند البياع ... عَرفنا بِهَديِك طُرُقَ الهُدَى

    فقَابَلْتَنا بوَقَار المَشِيب ... كمالًا وسِنُّك سِنُّ الفتى

    وصلّى بالنّاس في دار الخلافة المغرب، ثمّ بايعه من الغد الأمير حسن بن عيسى بن المقتدر.

    شغب الأتراك للحصول على رسْم البيعة:

    ولم يركب السّلطان للبيعة غضبًا للأتراك وذلك لأنّهم همُّوا بالشَّغب، لأجل رسْمهم على البيعة، فتكلّم تركّيٌّ بما لا يصلُح في حقّ الخليفة، فقتله هاشميّ، فثار الأتراك وقالوا: إن كان هذا بأمر الخليفة خرجنا عن البلد. وإن لم يك فيسلّم إلينا القاتل1.

    فخرج توقيع الخليفة: لم يجرِ ذلك بإيثارنا، ونحن نقيم في القاتل حدّ الله.

    ثمّ ألحّوا في طلب رسْم البَيْعة، فقيل لهم: إنّ القادر لم يخلّف مالًا. ثم صولحوا على ثلاثة آلاف دينار. فعَرَضَ الخليفة خانًا بالقطيعة وبستانًا وشيئًا من أنقاض الدُّور على البيع.

    وزراء القائم بأمر الله:

    ووَزَرَ له: أبو طالب محمد بن أيّوب، ثمّ جماعة منهم: أبو الفتح بن دارْست، وأبو القاسم بن المسلمة، وأبو نصر بن جهير.

    قُضاة القائم:

    وكان قاضيه: أبو عبد الله بن ماكولا، ثمّ أبو عبد الله الدّامغاني1.

    عناية القائم بالأدب:

    وكان للقائم عناية بالأدب.

    الاحتفال بيوم الغدير ويوم الغار:

    وفي ثامن عشر ذي الحجّة عملت الشّيعة، يوم الغدير، وعمل بعدهم أهل السُّنَّة الذي يسمونه يوم الغار. وهذا هَذَيانٌ وفُشَار.

    سرِقات العيّارين وكبْساتهم:

    ثمّ إن العيّارين ألْهبوا النّاسَ بالسَّرِقَة والكبْسات، ونزلوا بواسط على قاضيها أبي الطّّيب وقتلوه، وأخذوا ما وجدوا.

    امتناع الحجّ العراقي:

    ولم يحجّ أحدٌ من العراق لاضطّراب الوقت.

    انحلال أمر الخلافة:

    وخرجت السُّنَّة ومملكة جلال الدّولة ما بين بغداد وواسط والبَطَائح، وليس له من ذلك إلى الخطْبة. فأمّا الأموال والأعمال فمُنْقَسمة بين الأعراب والأكراد، والأطراف منها في أيدي المُقْطَعين من الأتراك، والوزارة خالية من ناظرٍ فيها. والخِلافة مستضعفة، والناس بلا رأس2. فلِلّهِ الأمر.

    أحداث سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة

    الاستسقاء ببغداد:

    في المحرّم خرجوا ببغداد للاستسقاء.

    تعليق المُسُوح في عاشوراء:

    وفي عاشوراء عُلقت المسوح، وناحوا. أقام ذلك العيارين.

    ثورة أهل الكَرْخ بالعيّارين:

    وفيها ثار أهل الكرخ بالعيَّارين فهربوا، وكبسوا دورهم ونهبوا سلاحَهم، وطلبوا من السلطان المعاونة، لأن العيّارين نهبوا تاجرًا فغضب له أهلُ سوقه، فرد العيارين بعضَ ما أخذوا، ثم كبسوا دار ابن الفَلْو الواعظ وأخذوا ماله. وأخذوا في الكبْسات، وانضاف إليهم مولدوا الأتراك وحاشيتهم.

    ثمّ إنّ الغلمان صمّموا على عزل جلال الدّولة وإظهار أمر أبي كاليجار، وتحالفوا وقالوا: لا بُدَّ أن يروح عنّا إلى واسط1.

    إرغام الملك جلال الدولة على النزوح:

    ثمّ قطعوا خطبته، فانزعج وأرسل سراريه إلى دار الخلافة، وخيّر الباقيات في أن يُعْتِقُهُنَّ. وطلب من الغلمان أن يخْفُرُوه، وقال لا أخرج على غير قاعدة.

    وامتلأ جانبا دجلة بالناس، وتردّدت الرسل إلى الملك بالنُّزُوح، وقال: ابعثوا معي مائة غلام يحرسوني. فقالوا: بل عشرون. فقال: أريد سفينةً تحملني، ونفقة تُوصلني.

    فقرّروا بينهم إطلاق ستّين دينارًا نَفَقَة، فالتزم بعض القوّاد منها بثلاثة دنانير. فلمّا كان اللّيل خرج نفرٌ من غلمانه إلى عُكْبِرا على وجه المخاطرة فبادر الغلمان إلى دار المملكة فنهبوها2.

    تردّد أبي كاليجار في التّجاوب مع الثائرين:

    وكَتَب الملأ إلى أبي كاليجار بما فعلوه من اجتماع الكلمة عليه، وطلبوا منه مَن ينوب عنه. فلمّا بلغه قال: هؤلاء الأتراك يكتبون ما لا يعتقدون الوفاء به ولا يَصْدُقون. فإنْ كانوا مُحِقِّين في طاعتهم فليُظهروا شعارنا ولْيُخرجوا مَن عندهم. ولا أقل من أنّ يسيروا إلي منهم خمسمائة غلام لأتوجه معهم.

    الوزير ابن فنة:

    وكان وزيره ابن فنة الّذي وقفَ الكُتُب على العلماء، وهي تسعة عشر ألف مجلَّد، فيها أربعة آلاف بخطّ ابن مُقْلَة.

    افتقار جلال الدولة:

    ثمّ اختلّت المملكة، وقطع عن جلال الدولة المادة التي حتى باع من ثيابه الملبوسة في الأسواق، وخَلَت دارُه من حاجب وفرّاش. وقُطع ضرب الطَّبل لانقطاع الطّبّالين1.

    تخبُّط الأمر ببغداد:

    وتخبّط أمر بغداد، ومدَّ الأتراك أيديهم إلى النَّهْب.

    التشاور في الخطبة لأبي كاليجار:

    وتشاور القُوّاد أن يخطبوا للملك أبي كاليجار، وتوقّفوا.

    خروج جلال الدولة إلى عُكْبَرا وزواجه:

    وخرج جلال الدّولة إلى عُكْبَرا وقَصَد كمال الدّولة أبا سِنان؛ فاستقبله أبو سِنان وقبّل الأرض وقال: خزائني وأولادي لك. وأنا أتوسط بينك وبين جُنْدك. وزوّجه ابنته.

    ثمّ جاءه جماعة من الْجُنْد معتذرين، وأُعِيدت خُطبته. وجاءته رُسُل الخليفة وهو يستوحش له2.

    سفارة الماوردي إلى أبي كاليجار:

    ثمّ بعث الخليفة القاضي أبا الحسن الماوَرْديّ والطُّواشِيّ مبشِّرًا إلى الأهواز إلى أبي كاليجار.

    قال الماوردي: قدِمْنا عليه فأنْزَلنا، وحُمِلَت إلينا أموال كثيرة. وأحضرنا وقد

    فُرِشت دار الإمارة، ووقف الخواصّ على مراتبهم من جانِبَيْ سريره. وفي آخر الصَّفَّين ستّمائة غلام داغريّة بالبِزَّة الحَسَنة الملوَّنة، فخدمنا وسلَّمنا عليه وأوصلْنا الكتاب.

    تلقيب أبي كاليجار بملك الدولة:

    وتردّد القول بين إخبار واستخبار، وانصرفنا.

    ثمّ جرى القول فيما طلب من اللّقب، واقترح أن يكون اللّقب: السلطان الأعظم مالك الأمم.

    قلنا هذا لا يمكن؛ لأنّ السّلطان المعظّم الخليفة، وكذلك مالك الأمم.

    فعدلوا إلى: ملك الدولة.

    فقلت: هذا ربما جاز. وأشرت بأن يخدم الخليفة بألطافٍ.

    وقالوا: يكون ذلك بعد التلقيب. قلت: الأوْلى أن يُقدَّم. ففعلوا.

    هدايا أبي كاليجار للخليفة:

    وحمَّلوا معي ألفَيْ دينار، وثلاثين ألف درهم نَقْرَة، ومائتي ثوب ديباج، وعشرين منًّا عُود، وعشرة أَمْناء كافور، وألف مثقال عنبر، وألف مثقال مسك، وثلاثمائة صحن صينيّ.

    إقطاع وكيل الخدمة:

    ووقّع بإقطاع وكيل الخدمة خمسة آلاف دينار من معاملة البصرة. وأن يُسلَّم إليه ثلاثة آلاف قَوْصَرة تمرٍ كلَّ سنة.

    مرتَّب عميد الرؤساء:

    وأُفرِد عميد الرؤساء أبو طالب بن أيوب بخمسمائة دينار وعشرة آلاف درهم، وعشرة أثواب.

    وعُدنا إلى بغداد، فَرُسِم لي الخروج إلى جلال الدولة، فأجريت معه حديث اللّقب، وما سأله الملك. فثقُل عليه، واقتضى وقوف الأمر.

    تأخُّر المطر:

    واستمرّ تأخُّر الأمطار، واستسقوا مرَّتين وما سُقوا. وكان الّذين خرجوا إلى الاستسقاء عدد قليل. وأجدَبت الأرض، وهلكت المواشي، وتلِفَ أكثر الثمار1.

    كبْسات رئيس العيّارين البرجميّ:

    وكبس رئيس العيّارين البُرْجميّ خانًا فأخذ ما فيه، فقوتلَ، فقتل جماعة، وكان يأخذ كلّ مُصَعِّدٍ ومُنحَدِر. وكبسَ دارًا وأخذ ما فيها وأحرقها. هذا والعسكر ببغداد.

    منع الخطبة للخليفة:

    واجتمع الخدم ومنعوا من الخطبة للخليفة لأجل تأخُّر رسْم البيعة، فلم تُصَلّ الْجُمُعة، ثمّ تُلُطِّف في الأمر في الجمعة الآتية2.

    تحليف الملك للخليفة يمينًا:

    وفيها حلف الملكُ للخليفةِ يمينًا حضرها المرتضي وقاضي القُضاة، وركب الوزير أبو القاسم بن المسلمة من الغد، فحضر عند الخليفة هو والمرتضى والقاضي، فحلف للملك وهي: أقسمَ عبد الله أبو جعفر القائم بأمر الله باللهِ الّذي لا إله إلا هو الطالب الغالب المدرِك المهلِك، عالم السِّر والعلانية، وحق رسول الله -صلى الله عليه سلم، وحقّ القرآن الكريم، لأُقِيمنَّ لركن الدّين جلالَ الدّولة أبي طاهر بن بهاء الدّولة أبي نصر على إخلاص النّيّة والصّفاء بما يُصْلِح حاله، ويحفظ عليه مكانه، ولأكوننَّ له على أفضل ما يؤثر من حراسته، ولوزير الوزراء أبي القاسم وسائر حاشيته، وإقراره على رُتْبَته. له بذلك عليَّ عهدُ الله وميثَاقُه، وما أخذ على ملائكته المُقرَّبين، وأنبيائه المرسَلين، والله يشهد عليَّ. وهذه اليمين منّي والنّيّة فيها بنية جلال الدولة3.

    انقضاض كوكب:

    وفي جُمَادى الأولى عند تصويب الشّمس للغروب انقضّ كوكب كبير كثير الضّوء.

    ازدياد شرّ العيّارين:

    وزاد شرُّ العيّارين حتّى ولي ابن النسوي فردعهم وانكفؤا.

    هياج ريح عظيمة:

    وهاجت ريح عظيمة ثلاثة أيّام احتجبت منها السّماء والشّمس، ورمت تُرابًا أحمر، ورملًا.

    الغلاء وتلف الغلات:

    وغَلَت الأسعار، وتَلِفت غلات الموصل، ولم تردّ البِذار، وكذلك الأهواء وواسط.

    أكل الأولاد في الإحساء:

    ووصلت الأخبار من الإحساء وتلك النواحي بأنّ الأقوات عدِمت. واضطّرت الأعراب إلى أكل مواشيهم، ثمّ أولادهم، حتّى كان الواحد يعاوض بولده ولدَ غيره لئلا تدركه رِقّة إذا ذبحه1.

    انقضاض كوكب آخر:

    وفي شوّال انقضّ ليلة الإثنين كوكب أضاءت منه الأرض، وارتاع له العالم، وكان في شكل التّرس، ولم يزل يقلّ حتّى اضمحلّ2.

    سُكْر جلال الدّولة:

    وفي شوّال سكر جلال الدولة ونزل من داره في سُميريه متنكّرًا إلى دار الخلافة، ومعه ثلاثة، وصعِد إلى بستان، ورمى بعض معيناته القصب، ودخل منه، وجلس

    تحت شجرة، واستدعى نبيذًا يشربه، وزمّر الزَّامر. فعرف الخليفة ذلك، فشُق عليه وأزعجه. ثمّ خرج إليه القاضي ابن أبي موسى، والحاجب أبو منصور بن بكران، فحدّثاه ووقفا بين يديه وقالا: قد سُرَّ الخليفة بقُرب مولانا وانبساطه، وأمّا النّبيذ والزّمْر فلا ينبغي.

    فلم يقبل ولا امتنع وقال: قُلْ لأمير المؤمنين: أنا عبدك، وقد حصل وزيري أبو سعد في دارك، ووقف أمري بذلك فأُريد أتسلَّمه.

    وأخذوا يدارونه حتّى نزل في زَبْزَبه، وأُصعد إلى دار المملكة. واجتمع خلق من الناس على دجلة.

    تهديد الخليفة بالانتقال:

    فلمّا كان من غد استدعى الخلفية المختصّ أبا غانم، وأبا الوفاء القائد وقال: إنّا قد عرفنا ما جرى أمس، وإنّه أمرٌ زاد عن الحدّ وتناهى في القُبْح واحتملناه. وكان الأوْلى لجلال الدّولة أن يتنزّه عن فِعْله وينزّهنا عن مثله. في كلام طويل. فإن سلك معنا الطّريقة المُثْلى، وإلا فارقْنا هذا البلد ودَبَّرنا أمرنا.

    فقبّلا الأرض ومضيا إلى الملك، فركب بعد ذلك في زبزبه، وأشعر الخليفة بحضوره للاعتذار، فنزل إليه عميد الرّؤساء وخدم، وقال: تذكّر حضوري للخدمة واعتذاري. فرجع الجواب بقبول العذر. ثم مضى إلى الميدان ولعب بالصَّوْلجان1.

    امتناع الحجّ من العِرَاقِ:

    ولم يحجّ ركْب العراق لفساد الطريق.

    ورود كسوة الكعبة:

    وورد من مصر كِسْوة الكعبة، وأموال للصدقة وصِلات لأمير مكة.

    الوباء الْعَظِيمِ:

    وورد الخبر بوباءٍ عظيم بالهند، وغَزْنَة، وأصبهان، وجرجان، والري، نواحي الجبل، والموصل، وأن ذلك زاد، على مجاري العادة.

    وخرج من أصبهان فيه أربعون ألف جنازة. ومات في الموصل بالْجُدَري أربعة آلاف صبي1.

    خروج المملكة من جلال الدولة:

    وخرجت السّنة ومملكة جلال الدولة مشتملة على ما بين الحضرة وواسط والبطيحة، وليس له من جميع ذلك إلا إقامة الاسم2.

    خُلُوّ الوزارة:

    وأمّا الوزارة فخالية عن آمرٍ فيها.

    انتهاب ابن سبكتكين لإصبهان:

    وجاء إلى أصبهان مسعود بن محمود بن سُبكتكين فنهب البلد وقتل عالمًا لا يحصى.

    أحداث سنة أربع وعشرين وأربعمائة

    معافاة الخليفة من الجدري:

    فيها هُني الخليفة بالعافية من جُدَري أصابه، وكتم ذلك إلى أن عُوفي.

    كبْسة البرجميّ:

    وكبس البرجمي دربًا وأخذ أموالًا. وتفاوض أنَّ جماعةً من الْجُنْد خرجوا إليه وواكلوه، فخاف ونقلوا الأموال إلى دار الخلافة. وواصلوا المبيت في الأسواق والدُّروب، فقُتِل صاحب الشُّرطة بباب الأزج، واتصلت العَمْلات.

    وأُخِذ من دار تاجر ما قيمته عشرة آلاف دينار. وبقي لا يتجاسرون على تسميته إلا أن يقولوا القائد أبو عليّ1.

    وشاع عنه أنّه لا يتعرض لامرأة، ولا يمكِّن أحدًا من أخذ شيء عليها أو معها.

    فخرج جماعة من القُوّاد والجند، وطلبوه لمّا تعاظَمَ خطره وزاد بلاؤه. فنزلوا الأَجَمَة التي يأوي إليها، وهي أجَمَة ذات قصب كثير تمتدّ خمسة فراسخ، وفي وسطها تلّ اتّخذه معقلًا، ووقفوا على طُرُقها.

    فخرج البُرْجميّ وعلى رأسه عمامة فقال: من العجب خروجكم إليّ وأنا كلّ ليلة عندكم، فإن شئتم أن ترجعوا وأدخل إليكم، وإن شئتم أن تدخلوا فافعلوا.

    فم زادت العَمْلات والكبْسات، ووقع القتال في القلايين وفي القنطرتين، وأُحرقت أماكن وأسواق ومساجد، ونُهب درب عَوْن وقُلعت أبوابه، ودَرْب القراطيس، وغير ذلك.

    إخراج السلطان ورجمه:

    ثمّ ثارت الجند ووقعوا في السلطان، وأنهم ضائعون. واجتمعوا وراسلوه أن ينتقل إلى واسط أو البصرة. واعتقلوه وأنزلوه سُمَيْريّة وابتلّت ثيابه وأهين. ثم رجموه وأخرجوه ومشوا به ثم أعطاه بعض الأتراك فرسَه فرَكبها. وواجهوه بالشَّتم، ثم أنزلوه فوقف على العَتَبة طويلًا، ثمّ أُدخل المسجد.

    ثمّ تآمروا على نقله إلى دار المهلَّبية. وخرج القائد أبو الوفاء ومعه عشرون غلامًا وحاشية الدَّار والعوّام ومن تاب من العيَّارين وهجموا على الأتراك فتفرَّقوا، وأخذوه من أيديهم وأعادوه إلى داره. وكان ذلك في رمضان.

    ثمّ عبرَ في آخر الليل إلى الكَرْخ فتلقّاه أهلُها بالدّعاء، فنزل في الدَّار التي للشّريف المرتضى1.

    مكاتبة الأتراك للملك جلال الدّولة:

    ثمّ اجتمع الأتراك وعزموا على عقد الجسر والعبور إلى الكَرْخ ليأخذوا الملك. ثمّ وقع بينهم الخُلْف وقالوا: ما بقي من بني بُويه إلّا هذا. وابن أخيه أبو كاليجار قد سلَّم الأمر إليه ومضى إلى فارس.

    ثمّ كتبوا إليه رُقْعة: نحن عبيدك وقد ملَّكناك أمورنا مِن الآن، وقد تعدَّينا عليك، ولكنْ نكلّمك في مصالحنا، فتعتذر إلينا ولا نجد لذلك أثرًا، ولَك ممالك كثيرة فيجوز أن تطرح ذلك مدّة، وتوفر علينا هذه الصبابة من المادّة، والصواب أن لا تخالفنا.

    وأنفَذوا الرُّقعة إلى المرتضى ليعرضها عليه، فأجاب بأنّا معترفون لكم بما ذكرتم، وما يحصل لنا نصرفه إليكم.

    فلمّا وصل القول نَفَروا وقالوا: هذا غرضه المدافعة.

    ثمّ حلّفوه على صلاح النِّيَّة: وبعد ذلك دخلوا وقبَّلوا الأرضَ بين يديه، وهو في دار المرتضى. وسألوه الصَّفْح. وركب معهم إلى دار المملكة1.

    زيادة العَمْلات والكبْسات:

    ثمّ زاد أمر العَمْلات والكبْسات. وتعدَّوا إلى الجانب الشَّرقيّ فأفسدوا. ووقع القتال. وحمل العيارون السلاح، وكثر الهرج.

    منع الخطبة في جامع الرصافة:

    ثم ثار العوّام إلى جامع الرّصافة ببغداد فمُنعوا من الخطبة ورجموا القاضي أبا الحسين بن الغريق، وقالوا: إن خطبت للبرجميّ، وإلّا فلا تخطب لخليفة ولا لملك.

    ولاية أبي الغنائم المعونة:

    ثم أُقيم على المعونة أبو الغنائم بن عليّ، فركب وطاف وفتك، فوقعت الرَّهْبة.

    ثم إنّ بعض القُوّاد أخذ أربعةً من أصحاب البرجميّ فاعتقلهم، فاحتدّ البرجميّ وأخذ أربعةً من أصحاب ذلك القائد، وجاء بهم إلى دار القائد فطرق عليه الباب فخرج، ووقف خلف الباب فقال له: قد أخذتُ أربعةً من أصحابك فأطلق أصحابي لأطلق أصحابك وإلا ضربت أعناقهم وأحرقت دارك. فأطلقهم له2.

    وممّا يشاكل هذا الوهْن أنّ بعض أعيان الأتراك أراد أن يطهّر ولده، فأهدى إلى البرجميّ حُمْلانًا وفاكهةً وشرابًا، وقال: هذا نصيبك من طهور ولدي. يُداريه بذلك.

    امتناع العراقيّين والمصريّين عن الحجِّ:

    ولم يحجّ العراقيّون ولا المصريّون أيضًا خوفًا مِن البادية.

    الغدر بحجّاج البصرة:

    وحجّ أهل البصرة مَعَ مَن يخفرهم، فغدروا بهم ونهبوهم، فالأمر لله.

    أحداث سنة خمس وعشرين وأربعمائة

    مواصلة العيّارين لعملاتهم:

    كان العيّارون مواصلين للعَمْلات باللّيل والنّهار، ومضى البرجميّ إلى العامل الذي على الماصر الأعلى، فقرّر معه أن يعطيه كلَّ شهر عشرة دنانير من الارتفاع. ثم أخذ عدّة عَمْلات كِبار.

    هذا والناس يبيتون في الأسواق. ثم جدّ السّلطان والخليفة في طلب العيّارين1.

    هبوب ريح بنصيبين:

    وورد كتاب من نصيبين أنّ ريحًا سوداء هبّت فقلعت من بساتينها أكثر من مائتي ألف شجرة.

    وأنّ البحر جَزَرَ في تلك النّاحية نحو ثلاثة فراسخ، وخرج الناس يتبعون السّمك والصَّدَف، فردّ البحر ففرّق بعضهم2.

    الزلازل بفلسطين:

    وكان بالرّملة زلازل خرج النّاس منها إلى البرِّ، فأقاموا ثمانية أشهر. وهدمتِ الزلازل ثُلث البلد، وتعدت إلى نابلس، فسقط بعض بُنْيانها، وهلك ثلاثمائة نفس. وخسِف بقرية، وسقط بعض حائط بيت المقدس، وسقطت منارة عسقلان، ومنارة غزّة3.

    الخانوق ببغداد والموصل:

    وكُثر الموت بالخوانيق ببغداد والموصل، وكان أكثره من النساء.

    الوباء بفارس:

    واتّصل الخبر بما كان بفارس من الوباء، حتّى كانت الدُّور تُسَدّ على أصحابها.

    إسقاط ضريبة الملح:

    وفيها أُسقط ما كان على الملح من الضّريبة، وكان ارتفاعه في السّنة نحو ألفي دينار. خاطب الملك في ذلك الدّينَوَري الزّاهد.

    الفتنة بين أهل الكرخ وأهل باب البصرة:

    ثمّ عاد العيّارون وانتشروا واتّصلت الفتنة بأهل الكَرْخ مع أهل باب البصرة، ووقع القتال بينهما، وانتشرت العرب ببادَرَايا وقُطْرَبُّل، ونهبوا النّواحي، وقطعوا السُّبُل. ووصلوا إلى أطراف بغداد، وسلبوا الحريم في المقابر.

    شغب الْجُنْد:

    وعاد الْجُند إلى الشَّغب، وقَوِيَت أيديهم على خاصّ السّلطان، واستوفوا الجوالي وحاصل دار الضَّرْب.

    غَرَقُ البرجميّ:

    وفي رمضان غرِّق البرجميّ بفم الدُّجَيلْ، أخذه معتمد الدّولة فغرَّقَه، فبذل له مالًا كثيرًا على أن يتركه، فلم يقبل.

    مقتل أخي البرجمي:

    ودخل أخو البرجمي إلى بغداد، فأخذ أخًا له من سوق يحيى، فخرج فتُبع وقُتل.

    قبول العيّارين بالخروج من بغداد:

    وفي شوّال رُوسل المرتضى بإحضار العيّارين إلى داره، وأن يقول لهم: مَن أراد منكم التوبة قُبِلت توبته، ومن أراد خدمة السلطان استُخْدِم مع صاحب المعونة، ومن

    أراد الانصراف عن البلد كان آمنًا على نفسه ثلاثة أيّام. فعرض ذلك عليهم، فقالوا: نخرج. وتجدّد الفساد والاستيفاء.

    انقضاض شهاب:

    وفي ذي القعدة انقضّ شهابٌ كبير مُهَوِّل، ثم بعد جمعة انقض شهاب ملأ ضوءه الأرض وغلب على ضوء المشاعل، وروّع مَن رآه، وتطاول مكثه على ما جرت به عادة أمثاله، حتّى قيل: انفرجت السّماء لَعِظَمِ ما شوهد منه1.

    الفَنَاء ببغداد:

    وفي ذي الحجّة وقع الفناء ببغداد، فذُكِر انه مات فيه سبعون ألفًا.

    أحداث سنة ست وعشرين وأربعمائة

    مقاتلة أبي الغنائم للعيّارين:

    تجدّد في المحرّم وصول العرب إلى أطراف الجانب الغربيّ، فعاثوا ونهبوا.

    ثمّ ظهر قومٌ من العيّارين ففتكوا وقتلوا. فنهض أبو الغنائم بن عليّ المتولّي فقتل اثنين، فعاودوا الخروج وقتلوا رجلين، وقاتلوا أبا الغنائم.

    وتتابعت العَمْلات، فنهض أبو الغنائم ومَسَك وقتل. ثم عاد الفساد والعيّارون يكمنون في دُور الأتراك، ويخرجون ليلًا.

    وكتب

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1